والفقير: من ليس له مال ولا كسب لائق، يقع موقعا من كفايته وكفاية ممونه، ولا يمنع الفقر، مسكنه وثيابه - ولو للتجمل في بعض أيام السنة - وكتب يحتاجها، وعبده الذي يحتاج إليه للخدمة، وماله الغائب
ــ
الخلاف في استيعابهم، أي فعندنا يجب استيعابهم، وعند غيرنا لا يجب.
قال البجيرمي: والمعنى عند الشافعي - رضي الله عنه - إنما تصرف لهؤلاء لا لغيرهم، ولا لبعضهم فقط، بل يجب استيعابهم.
والمعنى عند الإمام مالك وأبي حنيفة: إنما تصرف لهؤلاء لا لغيرهم، وهذا يصدق بعدم استيعابهم، ويجوز دفعها لصنف منهم، ولا يجب التعميم.
وقال ابن حجر في شرح العباب: قال الأئمة الثلاثة وكثيرون: يجوز صرفها إلى شخص واحد من الأصناف.
قال ابن عجيل (١) اليمني ثلاث مسائل في الزكاة يفتى فيها على خلاف المذهب، نقل الزكاة، ودفع زكاة واحد إلى واحد، ودفعها إلى صنف واحد.
ا.
ج.
اه.
(قوله: للفقراء إلخ) أي مصروفة لهم.
وبدأ بالفقراء لشدة حاجتهم، وإنما أضيف الصدقات للأربعة الأولى بلام الملك - أي نسبت إليهم بواسطتها - وإلى الأربعة الأخيرة بفي الظرفية، للإشعار بإطلاق الملك في
الأربعة الأولى لما يأخذونه، وتقييده في الأربعة الأخيرة بصرف ما أخذوه فيما أخذوه له، فإن لم يصرفوه فيه أو فضل منه شئ استرد منهم.
وإنما أعاد في الظرفية ثانيا في سبيل الله وابن السبيل، إشارة إلى أن الأولين من الأربعة الأخيرة يأخذان لغيرهما، والأخيرين منها يأخذان لأنفسهما.
اه.
بجيرمي.
ملخصا.
(قوله: والفقير الخ) شروع في تعريف الأصناف على ترتيب الآية الشريفة.
(قوله: من ليس له مال الخ) أي بأن لم يكن عنده مال ولا كسب أصلا، أو كان عنده كسب لا يليق به، أو كان له مال أو كسب يليق، لكن لا يقعان موقعا من كفايته وكفاية ممونه.
فكلامه صادق بثلاث صور، ولا بد في المال والكسب أن يكونا حلالين، فلا عبرة بالحرامين - كالمكس وغيره من أنواع الظلم - وأفتى ابن الصلاح بأن من في يده مال حرام وهو في سعة منه، يحل له أخذ الزكاة إذا تعذر عليه وجه إحلاله.
(وقوله: لائق) صفة لكسب، فلا عبرة بغير اللائق.
ولذلك أفتى الغزالي بأن أرباب البيوت الذين لم تجر عادتهم بالكسب يجوز لهم أخذ الزكاة.
(قوله: يقع موقعا الخ) الجملة صفة لكل من مال ومن كسب، وكان الأولى أن يقول يقعان موقعا - بألف التثنية - لأن عبارته توهم أنه صفة للأخير فقط.
والمعنى أنه ليس عنده مال يقع موقعا، ولا كسب يقع موقعا، أي يسدان مسدا، ويغنيان غنى.
قال في المصباح: وقع موقعا من كفايته: أي أغنى غنى.
اه.
وذلك كمن يحتاج إلى عشرة مثلا، وعنده مالا يبلغ النصف، أو يكتسب ما لا يبلغ ذلك، كأربعة أو ثلاثة أو اثنين.
قال الشوبري: نعم، يبقى النظر فيما لو كان عنده صغار ومماليك وحيوانات، فهل نعتبرهم بالعمر الغالب، إذ الأصل بقاؤهم وبقاء نفقتهم عليه، أو بقدر ما يحتاجه بالنظر للأطفال ببلوغهم، وإلى الأرقاء بما بقي من أعمارهم الغالبة، وكذلك الحيوانات؟ للنظر في ذلك مجال.
وكلامهم يومئ إلى الأول، لكن الثاني أقوى مدركا، فإن تعذر العمل به تعين الأول.
حجر.
اه.
(قوله: ولا يمنع الفقر إلخ) كالفقر: المسكنة.
فلو أخر هذا عن تعريف المسكين وقال ولا يمنع الفقر والمسكنة لكان أولى.
(وقوله: مسكنه) أي الذي يليق به.
قال في التحفة: أي وإن اعتاد السكنى بالأجرة، بخلاف ما لو نزل في موقوف يستحقه على الأوجه فيهما، لأن هذا كالملك، بخلاف ذاك.
اه.
(قوله: وثيابه الخ) أي ولا يمنع الفقر أيضا ثيابه، ولو كانت للتجمل بها في بعض أيام
(١) (قوله: قال ابن عجيل إلخ) سئل شيخنا وأستاذنا - أطال الله بقاءه - عن نقل زكاة المال من أرض الجاوة إلى مكة والميدينة رجاء ثواب التصدق على فقراء الحرمين، هل يوجد في مذهب الشافعي قول بجواز نقلها في ذلك ئ فأجاب - بما صورته.
(اعلم) - رحمك الله - إن مسألة نقل الزكاة فيها اختلاف كثير بين العلماء، والمشهور في مذهب الشافعي امتناع نقلها إذا وجد المستحقون لها في بلدها.
ومقابل المشهور جواز النقل، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة - رضي الله عنه - وكثير من المجتهدين، منهم الامام البخاري،
فإنه نرجم المسألة بقوله: باب أخذ الصدقة من الاغنياء - وترد على الفقراء حيث كانوا.
قال شارحه القسطلانى: ظاهره أن المولف يختار جواز نقل الزكاة من بلد المال.
وهو أيضا مذهب الحنفية والاصح عند الشافعية والمالكية عدم الجواز: انتهى.
وفى المنهاج والتحفة للعلامة ابن حجر: والأظهر منع نقل الزكاة.
وإن نقل مقبله أكثر العلماء، وانتصر له.
انتهى.
إذا تأملت ذلكء علمت أن القول بالنقل يوجد في مذهب الإمام الشافعي، ويجوز تقليده، والعمل بمقتضاه.
والله أعلم.
اه مولف