يقاتل، فما أحد أولى به من أحد - لا لمن لحقهم بعد انقضائها، ولو قبل جمع المال، ولا لمن مات في أثناء القتال قبل الحيازة على المذهب.
وأربعة أخماس الفئ للمرصدين للجهاد وخمسهما يخمس: سهم
ــ
الغنيمة عقارا، وإنما كان العقار هنا لهم، بخلافه في الفئ، فإن الإمام يتخير فيه بين قسمته كالمنقول، ووقفه وبيعه وقسمة غلته في الوقف، وثمنه في البيع، لأن الغنيمة حصلت بكسبهم وفعلهم، فملكوها بشرطه، بخلاف الفئ فإنه إحسان جاء إليهم من خارج، فكانت الخيرة فيه إلى الإمام.
أفاده سم.
(قوله: لمن حضر الوقعة) الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر أربعة، أي أربعة الأخماس تعطى لمن حضر الوقعة - أي شهدها، أي بنية القتال - وإن لم يقاتل، أو لم يكن بنية، ولكن قاتل - كأجير لحفظ أمتعة، وتاجر، ومحترف - لقولي أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -: إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة.
ولا مخالف لهما من الصحابة، ولأن القصد تهيؤه للجهاد، ولأن الغالب أن الحضور يجر إليه، ولأن فيه تكثير سواد المسلمين.
وفي معنى من حضر: جاسوس، وكمين، ومن أخر ليحرس العسكر من هجوم العدو.
(قوله: وإن لم يقاتل) أي تعطى لمن حضر الوقعة ولو لم يقاتل، لكن بشرط أن يكون حضر بنية القتال - كما علمت -.
(قوله: فما أحد) أي ممن حضر الوقعة.
وهذا من جملة حديث ذكره في فتح الجواد، وعبارته: وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم - - وقد سئل عن الغنيمة -: لله خمسها، وأربعة أخماسها للجيش، فما أحد أولى به.
وقوله: أولى به: أي بما ذكر من أربعة الأخماس.
(قوله: لا لمن لحقهم) ظاهره أنه معطوف على لمن حضر الوقعة، وفيه أنه يصير التقدير لا أربعة أخماس لمن لحقهم،
أي ليست الأربعة الأخماس ثابتة لمن لحقهم، وهو صادق بثبوت بعضها لهم، وليس كذلك: إذا علمت هذا، فالأولى جعل الجار والمجرور متعلقا بمحذوف مناسب، والتقدير: لا يسهم من أربعة الأخماس لمن لحق من حضرها بعد انقضائها، لأن الغنيمة إنما تكون لمن شهد الوقعة، وهذا لم يشهدها.
وخرج بقوله بعد انقضائها: ما إذا لحق قبل انقضائها، فيسهم له فيما غنم بعد لحوقه، لا فيما غنم قبله.
وعبارة التحرير: دون من لحقهم بعد انقضائها ولو قبل جمع المال، فلا شئ له.
بخلاف من لحقهم قبل انقضائها، لكن لا شئ له فيما غنم قبل لحوقه.
اه.
(قوله: ولو قبل جمع المال) غاية لعدم إعطاء من لحق بعد الانقضاء.
(قوله: ولا لمن مات الخ) أي ولا يسهم لمن مات، فالجار والمجرور متعلق بمحذوف أيضا - كالذي قبله -.
(وقوله: في أثناء القتال قبل الحيازة) قيدان.
خرج بالأول: ما إذا مات بعد القتال، ولو قبل الحيازة، فإنه يسهم له ويعطى لوارثه.
وخرج بالثاني: ما إذا مات في الأثناء، وبعد حيازة شئ، فإنه يسهم له منه.
وعبارة المنهاج مع شرح م ر: ولو مات بعضهم بعد انقضائه فحقه لوارثه.
وكذا لو مات بعد الانقضاء للقتال، وقبل الحيازة في الأصح، لوجود المقتضي للتمليك، وهو انقضاء القتال.
ولو مات في أثناء القتال قبل حيازة شئ، فالمذهب أنه لا يشئ له، فلا حق لوارثه في شئ، أو بعد حيازة شئ فله حصته منه.
اه.
(قوله: على المذهب) قال المحلى: والطريق الثاني فيه قولان - أحدهما: أنه يستحق بحضوره بعد الواقعة.
والطريق الثالث إن حصلت الحيازة بذلك القتال استحق، أو بقتال جديد فلا.
اه.
(تتمة) اعلم أنه يعطى من أربعة الأخماس للفارس - وهو المقاتل على فرس - ثلاثة أسهم: سهمان لفرسه، وسهم له، وللراجل - وهو المقاتل على رجليه - سهم واحد، لفعله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر.
ولا يرد إعطاؤه - صلى الله عليه وسلم - سلمة بن الأكوع سهمين في وقعة، لانه - صلى الله عليه وسلم - رأى منه خصوصية اقتضت ذلك.
ولا يعطى منها إلا لمن استكملت فيه ستة شروط: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والذكورية، والصحة.
فإن اختل شرط منها: - بأن كان من حضر القتال صغيرا، أو مجنونا، أو رقيقا، أو أنثى، أو ذميا، أو زمنا - فلا يعطى سهما كاملا، بل يرضخ له.
والرضخ لغة: العطاء القليل.
وشرعا: شئ دون سهم.
ويجتهد الإمام في قدره بحسب رأيه، فيزيد المقاتل على غيره، والأكثر قتالا على الأقل قتالا، والفارس على الراجل، والمرأة التي تداوي الجرحى وتسقي العطشى على التي تحفظ الرحال.
(قوله: وأربعة أخماس الفئ الخ) الأولى أن يستوفي الكلام على الغنيمة ثم ينتقل للفئ، وغير المؤلف أفرده بترجمة مستقلة.
(قوله: للمرصدين للجهاد) أي المهيئين المعدين له بتعيين الإمام لهم في دفتره - وهم المرتزقة - سموا