(و) خامسها: (جعل البيت عن يساره) مارا تلقاء وجهه، فيجب كونه خارجا بكل بدنه حتى بيده عن
شاذروانه وحجره - للاتباع - فإن خالف شيئا من ذلك لم يصح طوافه، وإذا استقبل الطائف - لنحو دعاء - فليحترز عن أن يمر منه أدنى جزء قبل عوده إلى جعل البيت عن يساره.
ويلزم من قبل الحجر أن يقر قدميه في
ــ
(قوله: ولا يجوز استقبال البيت إلا في هذا) أي في ابتداء الطواف.
قال العلامة عبد الرؤوف: هذا الاستثناء صوري، لأن أول الطواف الواجب، هو هذا الانفتال، وما قبله مقدمته، لا منه.
ومن ثم لم تجز النية إلا إن قارنته.
اه.
وما ذكره هو معتمد ابن حجر، واعتمد الجمال الرملي والخطيب وابن قاسم وغيرهم أن أول طوافه ما فعله أولا، وأن الاستثناء حقيقي.
(قوله: وخامسها) أي الشروط الستة.
(قوله: جعل البيت عن يساره) أي في كل خطوة من خطوات طوافه، فلو مر منه جزء وهو مستقبل البيت أو مستدبره لدعاء أو زحمة أو استلام أو نحوها، بطلت تلك الخطوة وما بني عليها حتى يرجع إلى محله الذي وقع الخلل فيه، أو يصل إليه فيما بعد تلك الطوفة.
(فائدة) الطواف يمين، لما في مسلم: عن جابر رضي الله عنه، أنه - صلى الله عليه وسلم - أتى البيت فاستقبل الحجر، ثم مشى عن يمينه.
أي الحجر.
وحينئذ يكون الطائف عن يمين البيت، وغلط كثيرون فسرى إلى ذهنهم من اشتراط جعل البيت عن يساره أن الطواف يسار.
(وقوله: مارا تلقاء وجهه) أي على الهيئة المعتادة له في المشي، سواء طاف منتصبا، أو منحنيا، أو زحفا، أو حبوا وإن قدر على المشي في الجميع.
(قوله: فيجب كونه إلخ) هذا التفريع لا محل له، فالأولى التعبير بالواو ويكون
مستأنفا، ساقه لبيان شرط آخر.
وقوله: بكل بدنه ومثله ثوبه المتحرك بحركته عند حجر، لا نحو عود في يده.
ومشى الخطيب في مغنيه: والرملي في النهاية، على أن الثوب وإن تحرك بحركته لا يضر.
(قوله: حتى بيده) أي حتى يجب خروج يده.
(قوله: عن شاذروانه) متعلق بخارجا، وهو جدار قصير نقصه ابن الزبير من عرض الأساس، وهو من الجهة الغربية واليمانية فقط كما في شرح بأفضل وموضع من النهاية وغيرهما، لكن المعتمد كما في التحفة ثبوته في جهة الباب أيضا.
والحاصل أنه مختلف في ثبوته من جميع الجوانب فالإمام والرافعي لا يقولان به إلا في جهة الباب، وشيخ الإسلام ومن وافقه لا يقولان به من جهة الباب، وأبو حنيفة لا يقول به في جميع الجوانب، وفيه رخصة عظيمة، بل لنا وجه إن مس جدار الكعبة لا يضر، لخروج معظم بدنه عن البيت.
وقوله: وحجره هو بكسر الحاء، ما بين الركنين الشاميين، عليه جدار قصير بينه وبين كل من الركنين فتحة، ويسمى أيضا حطيما، لكن الأشهر أنه ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم.
(قوله: للاتباع) دليل لوجوب جعل البيت عن يساره، ولوجوب خروجه بكل بدنه عنه.
والاتباع في الأول خبر جابر المار مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: خذوا عني مناسككم وفي الثاني أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف خارجه مع قوله خذوا إلخ، ويدل له أيضا قوله تعالى: * (وليطوفوا بالبيت العتيق) * (١) وإنما يكون طائفا به إذا كان خارجا عنه، وإلا فهو طائف فيه.
(قوله: فإن خالف شيئا من ذلك) راجع لجميع ما قبله، فاسم الإشارة يعود على المذكور من الطهر والستر وما بعدهما من الشروط.
فلو طاف عاريا أو غير متطهر، أو من غير نية، أو لم يبدأ بالحجر الأسود، أو لم يجعل البيت عن يساره بأن جعله عن يمينه أو عن يساره لكن مشى القهقري، أو لم يخرج بكل بدنه عن الشاذروان والحجر، لم يصح طوافه.
(قوله: وإذا استقبل الخ) هذه المسألة مفرعة على جعل البيت عن يساره.
والتي بعدها أعني ويلزمه إلخ مفرعة على وجوب كونه خارجا بكل بدنه عما ذكره.
فكان المناسب أن يترجم لهما كعادته.
بأن يقول: فرعان (قوله: فليحترز عن أن يمر منه أدنى جزء إلخ) فإن مر منه أدنى جزء وهو مستقبل الكعبة قبل أن يجعل البيت عن يساره، بطلت تلك الخطوة وما بني عليها حتى يرجع إلى المحل الذي مر منه وهو مستقبل، أو يصل إليه في الطوفة الثانية مثلا وتلغو الطوفة التي وقع الخلل فيها.
(قوله: ويلزم من قبل الحجر) أي أو استلم الركن اليماني.
وهذه المسألة من الدقائق التي ينبغي التنبه لها كما نص عليه
(١) الحج: ٢٩