وشرط الذابح أن يكون مسلما - أو كتابيا ينكح.
ويسن أن يقطع الودجين - وهما عرقا صفحتي عنق وأن يحد شفرته، ويوجه ذبيحته لقبلة، وأن يكون الذابح رجلا عاقلا، فامرأة، فصبيا.
ويقول - ندبا - عند الذبح،
ــ
تعريض الحيوان للهلاك كما علمت.
(قوله: وشرط الذابح الخ) إعلم أنه كان المناسب أن يذكر أولا أركان الذبح، ثم يذكر ما يشترط في كل - كما صنع في المنهج.
وحاصل ذلك: أن أركان الذبح بالمعنى الحاصل بالمصدر وهو الانذباح أربعة: ذبح، وذابح، وذبيح، وآلة.
والمراد بكونها أركانا للذبح: أنه لا بد لتحققه منها، لأنه يتوقف على فاعل، ومفعول، وفعل، وآلة.
وإلا فليس واحد منها جزءا منه.
وشرط في الذبح: القصد أي قصد إيقاع الفعل على العين أو على واحد من الجنس فلو سقطت سكين على مذبح شاة، أو احتكت الشاة به فانذبحت، أو أرسل سهما لا لصيد بل أرسله لغرض اختبار قوته مثلا فقتل صيدا، أو استرسلت جارحة بنفسها فقتلت، حرم ذلك كله، وصار ميتة، لعدم وجود القصد.
وشرط في الآلة كونها محددة تجرح كما مر وأما شرط الذابح وشرط الذبيح فقد ذكرهما المؤلف.
(قوله: أن يكون مسلما) أي أو مسلمة.
وشرط أيضا أن يكون غير أعمى في غير مقدور عليه من صيد وغيره، فلا يحل مذبوح الأعمى بإرسال آلة الذبح، إذ ليس له في ذلك قصد صحيح.
وقوله: أو كتابيا أي أو كتابية.
وأهل الكتاب هم اليهود، والنصارى.
وخرج بذلك الوثني، والمجوسي، ونحوهما ممن لا كتاب له كعابد الشمس والقمر فلا تحل ذبيحتهم، لأنهم ليسوا من أهل الكتاب.
والذي تحل ذبيحته لا بد أن يكون من أهل الكتاب، قال تعالى: * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * (١) وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنما حلت ذبائح اليهود والنصارى من أجل أنهم آمنوا بالتوراة والإنجيل رواه الحاكم وصححه.
وقوله: ينكح بالبناء للمجهول، قيد في الكتابي، أي يشترط في حل ذبيحة الكتابي نكاحنا لأهل ملته.
ولصحة نكاحنا لهم شروط وهي أنه يشترط في الإسرائيلية أن لا يعلم دخول أول آبائها في دين سيدنا موسى بعد بعثة عيسى عليه السلام.
وفي غيرها أن يعلم أول آبائها فيه قبلها، ولو بعد التحريف إن تجنبوا المحرف.
فلو فقد شرط من هذه الشروط لا يحل نكاحنا لهم، فلا تحل ذبيحتهم.
وعبارة التحفة: فعلم إن من لم يعلم كونه إسرائيليا، وشك في دخول أول أصوله قبل ما مر، ثم لا تحل ذبيحته.
ومن ثم أفتى بعضهم في يهود اليمن بحرمة ذبائحهم للشك فيهم، قال: بل نقل الأئمة أن كل أهل اليمن أسلموا.
اه.
ولا خصوصية ليهود اليمن بذلك، بل كل من شك فيه وليس إسرائيليا كذلك.
اه.
وقوله: أسلموا: أي ثم ارتد بعضهم وهم اليهود المذكورون فعليه يكون عدم حل ذبيحتهم بالإجماع، لارتدادهم.
(قوله: ويسن أن يقطع الودجين) المناسب ذكر هذا فيما مر بعد قوله بقطع كل حلقوم وكل مرئ، لأن هذا من سنن الذبح، وذكره في المنهج بعد ذكره شرط الذبح.
والودجان تثنية ودج بفتح الدال وكسرها - وهو المسمى بالوريد من الآدمي، قال تعالى: * (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) * وإنما سن قطعهما لأنه أسرع وأسهل لخروج الروح، فهو من الإحسان في الذبح.
(قوله: وهما) أي الودجان.
وقوله عرقا صفحتي عنق: أي عرقان في صفحتي العنق، محيطان بالحلقوم من الجانبين.
(قوله: أن يحد شفرته) أي ويسن أن يحد شفرته، لخبر مسلم: إن الله كتب الإحسان في كل شئ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته.
وقوله: وليحد
(١) المائدة: ٥.
(٢) ق: ١٦