ويحل أكل ميتة الجراد والسمك - إلا ما تغير في جوف غيره، ولو في صورة كلب أو خنزير.
ويسن ذبح
ــ
فيه) أي في البحر.
(قوله: ويحل أكل ميتة الجراد) أي للحديث المار.
والجراد مشتق من الجرد، وهو بري وبحري، وبعضه أصفر، وبعضه أبيض، وبعضه أحمر، وله ديدان في صدره، وقائمتان في وسطه، ورجلان في مؤخره.
وليس في الحيوانات أكثر إفسادا منه.
قال الأصمعي: أتيت البادية، فرأيت رجلا يزرع برا، فلما قام على سوقه، وجاد بسنبله، جاء إليه الجراد، فجعل الرجل ينظر إليه، ولا يعرف كيف يصنع؟ ثم أنشأ يقول: مر الجراد على زرعي فقلت له: * * لا تأكلن، ولا تشغل بإفساد فقام منهم خطيب فوق سنبلة: * * إنا على سفر، لا بد من زاد ولعابه سم على الأشجار، لا يقع على شئ إلا أفسده.
في البجيرمي: أسند الطبراني عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: كنا على مائدة نأكل أنا وأخي محمد بن الحنفية وبنو عمي عبد الله والقاسم والفضل أولاد العباس، فوقعت جرادة على المائدة، فأخذها عبد الله وقال لي: ما مكتوب على هذه؟ فقلت: سألت أبي أمير المؤمنين عن ذلك، فقال: سألت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: مكتوب عليها: أنا الله لا إله إلا أنا، رب الجراد ورازقها، إن شئت بعثتها رزقا لقوم، وإن شئت بعثتها بلاء على قوم.
فقال ابن عباس: هذا من العلم المكنون.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: إن الله عزوجل خلق ألف أمة: ستمائة منها في البحر، وأربعمائة منها في البر، وإن أول هلاك هذه الأمة: الجراد.
فإذا هلك الجراد تتابع هلاك الأمم.
وحكى القزويني أن هددا قال لسليمان عليه السلام: أريد أن تكون ضيفي أنت وعسكرك يوم كذا بجزيرة كذا، فحضر سليمان بجنوده، فأتى الهدهد بجرادة ميتة، فألقاها في البحر، وقال كلوا، فمن فاته اللحم أدرك المرق، فضحك منه سليمان وجنوده، وفي هذا قيل: جاءت سليمان يوم العرض هدهدة * * أهدت إليه جرادا كان في فيها وأنشدت - بلسان الحال - قائلة: * * إن الهدايا على مقدار مهديها لو كان يهدى إلى الإنسان قيمته: * * لكان يهدى لك الدنيا بما فيها (قوله: والسمك) أي ويحل أكل ميتة السمك، وهذا قد علم من قوله السابق: أن جمع ما في البحر يحل ميتته، لكن أعاده لأجل الاستثناء بعده.
(قوله: ما تغير) أي من الجراد والسمك، أي وتقطع كما صرح به في التحفة وعبارتها: ولو تغيرت سمكة، وتقطعت بجوف أخرى حرمت.
ونوزع في اعتبار التقطع.
ويجاب بأن العلة أنها صارت كالروث، ولا تكون مثله إلا إن تقطعت.
أما مجرد التغير فهو بمنزلة نتن اللحم، أو الطعام، وهو لا يحرمه.
اه.
وقوله: في جوف غيره أفرد الضمير باعتبار لفظ ما، وإلا فحقه غيرهما بضمير التثنية العائد على السمك والجراد
والمراد بالغير الحيوان، وهو صادق بالسمك نفسه، فلو بلعت سمكة سمكة وتغيرت في جوفها وتقطعت حرمت كما مر عن التحفة، ومثلها النهاية ونصها: ولو وجدنا سمكة في جوف أخرى ولم تتقطع وتتغير حلت، وإلا فلا.
اه.
(قوله: ولو في صورة كلب) غاية في حل السمك، أي يحل، وإن لم يكن على صورة السمك المشهور بأن كان على صورة كلب، أو خنزير وهي للرد على القائل: بأنه لا يحل إلا ما كان على صورة السمك المشهور لتخصيص الحل به