اختلف العاقدان: فادعى أحدهما اشتمال العقد على مفسد من إخلال ركن أو شرط، كأن ادعى أحدهما رؤيته، وأنكرها الآخر: (حلف مدعي صحة) العقد غالبا، تقديما للظاهر من حال المكلف، وهو اجتنابه للفاسد، على أصل عدمها لتشوف الشارع إلى إمضاء العقود، وقد يصدق مدعي الفساد، كأن قال البائع: لم أكن بالغا حين البيع، وأنكر المشتري، واحتمل ما قاله البائع: صدق بيمينه، لان الاصل: عدم البلوغ.
وإن اختلفا: هل وقع الصلح على الانكار أو الاعتراف؟ فيصدق مدعي الانكار: لانه الغالب.
ومن وهب في مرضه شيئا، فادعت ورثته غيبة عقله حال الهبة: لم يقبلوا، إلا إن علم له غيبة قبل الهبة، وادعوا استمرارها إليها.
ويصدق منكر أصل نحو البيع.
ــ
(قوله: وإذا اختلف العاقدان) أي في صحة العقد وفساده، فادعى أحدهما الصحة والآخر الفساد.
وهذا محترز قوله وقد صح العقد باتفاقهما.
(قوله: فادعى أحدهما) أي أحد المتعاقدين - بائعا، أو مشتريا -.
(قوله: على مفسد) أي للعقد.
(قوله: من إخلال ركن) أي فقد ركن، وهو بيان للمفسد.
وذلك كعدم وجود القبول من المشتري، أو الإيجاب من البائع.
(قوله: أو شرط) أي أو إخلال شرط من شروط صحة العقد.
(قوله: كأن ادعى إلخ) تمثيل للإخلال بشرط.
(قوله: رؤيته) أي المبيع.
(قوله: وأنكرها) أي الرؤية.
ويعلم من كلامه: أن الإختلاف في أصل الرؤية، وأن القول قول مثبتها من بائع أو مشتر.
قال سم: قال م ر: بخلاف ما لو اختلفا في كيفية الرؤية، فالقول قول الرائي، لأنه أعلم بها - أي كأن ادعى أنه رآه من وراء زجاج، وقال الآخر بل رأيته بلا حيلولة زجاج، فالقول قول مدعي الرؤية من وراء زجاج - كما أفتى به - فليراجع، ففيه نظر.
اه.
(قوله: حلف مدعي إلخ) جواب إذا التي قدرها الشارح (قوله: غالبا) أي في الغالب.
وسيذكر محترزه.
(قوله: تقديما للظاهر إلخ) عبارة التحفة: لأن الظاهر في العقود الصحة، وأصل عدم العقد الصحيح يعارضه أصل عدم الفساد في الجملة.
اه.
(قوله: وهو) أي الظاهر من حال المكلف.
(وقوله: على أصل عدمها) متعلق بتقديما، وإضافة أصل لما بعده، للبيان.
وضمير عدمها يعود على الصحة.
(وقوله: لتشوف الشارع) علة التقديم.
(وقوله: إلى إمضاء العقود) أي إنفاذها، وإجرائها، واستمرارها.
(قوله: وقد يصدق) مدعي الفساد إلخ) محترز قوله غالبا.
(قوله: كأن قال البائع لم أكن بالغا إلخ) أي أو كنت مجنونا، أو محجورا علي، وعرف له ذلك.
ففي الجميع، يصدق البائع.
(وقوله: واحتمل ما
قاله البائع) أي أمكن ما قاله البائع.
فإن لم يحتمل ما قاله: كأن كان البيع من منذ خمسة أشهر، وبلوغه من منذ سنة، فلا يصدق، بل يصدق المشتري.
(قوله: وإن اختلفا) أي المتخاصمان.
ولو قال: وكأن اختلفا - عطفا على كأن قال البائع الخ - لكان أولى.
(وقوله: هل وقع الصلح على الإنكار) أي من المدعى عليه، فيكون عقد الصلح باطلا، لأن شرط صحة الصلح أن يكون مع الإقرار.
(وقوله: أو الاعتراف) أي أو وقع الصلح على الاعتراف، أي الإقرار من المدعى عليه، فيكون صحيحا.
(قوله: فيصدق مدعي الإنكار) أي ويكون الصلح باطلا.
(قوله: لأنه الغالب) أي لأن وقوع الصلح على الإنكار هو الغالب.
قال في التحفة: أي مع قوة الخلاف فيه، وزيادة شيوعه ووقوعه.
وبه يندفع إيراد صور الغالب فيها وقوع المفسد المدعي.
ومع ذلك، صدقوا مدعي الصحة فيها.
اه.
(قوله: ومن وهب إلخ) عبارة التحفة: ويؤخذ من ذلك أن من وهب إلخ.
اه.
(وقوله: من ذلك) أي من أنه إذا ادعى نحو صبا أمكن، أو جنونا، أو حجر، وعرف له ذلك، فيصدق.
(قوله: إلا أن علم له غيبة قبل الهبة إلخ) قال في التحفة: وجزم بعضهم بأنه لا بد في البينة بغيبة العقل إن تبين ما غاب به، أي لئلا تكون غيبته بما يؤاخذ به: كسكر تعدى به.
اه.
(قوله: وادعوا استمرارها) أي الغيبة.
(وقوله: إليها) أي إلى الهبة.
(قوله: ويصدق منكر أصل نحو البيع) في العبارة حذف يعلم من عبارة التحفة، ونصها - بعد كلام -: وما لو ادعت أن نكاحها بلا ولي ولا شهود، فتصدق بيمينها، لأن ذلك إنكار لأصل العقد.
ومن ثم،