لغيره ليتجر فيه، على أن يكون الربح مشتركا بينهما (في نقد خالص مضروب) لانه عقد غرر، لعدم انضباط العمل والوثوق بالربح وإنما جوز: للحاجة، فاختص بما يروج غالبا، وهو النقد المضروب.
ويجوز عليه، وإن أبطله السلطان، وخرج بالنقد، العرض، ولو فلوسا، وبالخالص، المغشوش وإن علم قدر غشه، أو استهلك،
ــ
من أن يكون حاصلا بأموالهم أو بأموال غيرهم، ونظيرها قوله تعالى: * (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) * (١) واحتج له أيضا بأنه - صلى الله عليه وسلم - ضارب لخديجة بمالها إلى الشام، وأنفذت معه عبدها ميسرة، بفتح السين، وضمها، واعترض الإستدلال بما ذكر، بأن سفره لخديجة كان على سبيل الإستئجار، لا على سبيل المضاربة، لما قيل من أنها استأجرته بقلوصين، أي ناقتين، وأجيب باحتمال تعدد الواقعة، فمرة سافر على سبيل الإستئجار، ومرة على سبيل المضاربة، أو أن من عبر بالإستئجار، تسمح به، فعبر به عن الهبة، ووجه الدلالة مما ذكره، أنه - صلى الله عليه وسلم - حكاه بعد البعثة مقررا له، فدل على جوازه، وأركانه ستة: مالك، وعامل، وعمل، ومال، وربح، وصيغة.
وحقيقته أن أوله، أي قبل ظهور الربح، وكالة، وآخره، أي بعد ظهور الربح، جعالة (قوله: وهو) أي القراض شرعا، وأما لغة: فهو مشتق من القرض، وهو القطع.
وسمي المعنى الشرعي به، لأن المالك قطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها، وقطة من الربح، ويستفاد من التعريف المذكور، أركان القراض الستة، فالمالك والصيغة، مأخوذان من قوله أن يعقد، وقوله: لغيره هو العامل، وقوله ليتجر.
فيه اشارة للعمل، والمال والربح ظاهران (قوله: على مال يدفعه) خرج به، ما لو قارضه على منفعة كسكنى داره يؤجرها مرة بعد أخرى، وما زاد على أجرة لمثل يكون بينهما، أو على دين عليه، أو على غيره يحصل ذلك ويتجر فيه، وما تحصل من الربح يكون بينهما.
وما لو قال بع هذا، وقارضتك على ثمنه، فلا يصح كل ذلك.
نعم: البيع صحيح، وله أجرة مثل العمل إن عمل (قوله: ليتجر فيه) خرج به ما لو عامله على شراء بر يطحنه ويخبزه، أو على غزل ينسجه ويبيعه، فلا يصح، لأن الطحن وما بعده لا يسمى تجارة، بل هي أعمال مضبوطة يستأجر عليها، فلا تحتاج إلى القراض عليها، المشتمل على الجهالة المغتفرة للحاجة (قوله: على أن يكون الربح مشتركا بينهما) خرج به اختصاص أحدهما به فلا يصح (قوله: في نقد الخ) متعلق بيصح، وأسقط من الشروط، كونه معلوما جنسا، وقدرا، وصفة، وكونه معينا، وكونه بيد العامل، فلا يصح على مجهول جنسا، وقدرا، وصفة، وعلى غير معين، كأن قارضه على ما في الذمة من دين أو عين، نعم: لو قارضه على نقد في ذمته، ثم عينه في المجلس، صح.
وكذا لو كان في ذمة العامل، وعينه كذلك، ولا على شرط كون المال بيد غير العامل كالمالك ليوفي من ثمنه ما اشتراه العامل، لأنه قد لا يجده عند الحاجة (قوله: لأنه الخ) علة لمحذوف، أي ولا يصح في غيره لأنه الخ.
(وقوله: عقد غرر) أي عقد مشتمل على غرر، (وقوله:
لعدم انضباط العمل) بيان للغرر، فهو علة العلة (قوله: والوثوق بالربح) أي ولعدم الوثوق بالربح، فهو معطوف على انضباط.
وإنما لم يكن موثوقا به: لأنه قد يحصل، وقد لا يحصل (قوله: وإنما جوز للحاجة) أي وإنما جوز القراض، مع كونه مشتملا على غرر، للحاجة (قوله: فاختص بما يروج غالبا) أي في غالب الأحوال، وعبارة فتح الجواد، وإنما جوز للحاجة، واختص بما يروج بكل حال، أي باعتبار الأصل، إذ الأوجه، جوازه بنقد خالص لا يتعامل به، أو أبطله السلطان، أو مغشوش راج رواج الخالص في كل مكان.
اه.
وعبارة شيخ الإسلام: فاختص بما يروج بكل حال، وتسهل التجارة به.
اه.
وقوله بكل حال، أي بحيث لا يرده أحد، بخلاف التبر، والمغشوش، والفلوس.
وقوله: وتسهل التجارة به.
أي بخلاف العرض، فالعطف مغاير، ويصح أن يكون للتفسير، أو عطف لازم.
اه.
ش ق (قوله: وهو) أي الذي يروج غالبا، (وقوله: النقد المضروب) أي لأنه ثمن الأشياء (قوله: ويجوز) أي القراض.
(وقوله: عليه) أي على النقد.
(وقوله: وإن أبطله) أي ذلك النقد، أي أو كان في ناحية لا يتعامل به فيها (قوله: وخرج بالنقد، والعرض) أي كالنحاس، والقماش.
(وقوله: ولو فلوسا) أي جددا، فهي من العروض، لأنها قطع من النحاس، ومن جعلها من
(١) سورة المزمل، الاية: ٢٠.