باب في الإقرار هو لغة الاثبات، وشرعا إخبار الشخص بحق عليه.
ويسمى اعترافا (يؤاخذ بإقرار مكلف مختار) فلا
ــ
باب في الإقرار
أي في بيان أحكام الإقرار، من كونه لا يصح الرجوع عنه إذا كان لحق آدمي.
والأصل فيه قبل الإجماع، قوله تعالى: * (أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري؟) * أي عهدي، * (قالوا أقررنا) * (١) وقوله تعالى: * (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) * (٢) وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار، وقوله تعالى: * (وليملل الذي عليه الحق) * إلى قوله * (فليملل وليه بالعدل) * (٣) أي فليقر بالحق، دل أوله على صحة إقرار الرشيد على نفسه، وآخره على صحة إقرار الولي على موليه، وخبر الصحيحين اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فذهب إليها، فاعترفت، فرجمها وأجمعت الأمة على المؤاخذة به.
وأركانه أربعة: مقر، ومقر له، ومقر به، وصيغة.
وشرط فيها لفظ يشعر بالالتزام، وفي معناه الكتابة مع النية وإشارة الأخرس المفهمة، كلزيد علي أو عندي كذا، فلو حذف علي أو عندي لم يكن إقرارا، كما سيأتي، وشرط في المقر له أن يكون معينا نوع تعيين، بحيث يتوقع منه الدعوى والطلب، حتى لو قال لأحد هؤلاء الثلاثة علي كذا، صح إقراره، بخلاف ما لو قال لواحد من أهل البلد علي كذا، وأن يكون أهلا لاستحقاق في المقر به ولصحة إسناده إليه.
فلو قال لهذه الدابة علي كذا لم يصح، لأنها ليست أهلا لذلك، إلا إن قال علي بسببها لفلان كذا حملا على أنه جنى عليها أو استعملها تعديا أو اكتراها من مالكها.
ومحل البطلان في الدابة المملوكة، بخلاف غيرها، كالخيل المسبلة، فالأشبه، كما قاله الأذرعي، الصحة.
ويحمل على أنه من غلة وقف عليها أو وصية لها.
وأن يكون غير مكذب للمقر، فلو كذبه في إقراره له بمال ترك في يد المقر، لأنها تشعر بالملك، وسقط الإقرار بمعارضة الإنكار، فلو رجع عن التكذيب لم يعد له إلا بإقرار جديد، وشرط في المقر إطلاق تصرف واختيار.
وشرط في المقر به أن لا يكون ملكا للمقر حين يقر.
فقوله ديني أو داري لعمرو لغو، لأن الإضافة إليه تقتضي ملكه، فتنافي الإقرار لغيره في جملة واحدة، وأن يكون بيد المقر، ولو مآلا، فلو لم يكن بيده حالا ثم صار بها عمل بمقتضى إقراره، وغالب ما ذكر يستفاد من كلام المؤلف (قوله: هو) أي الإقرار.
(وقوله: لغة الإثبات) أي فهو مأخوذ من أقر بمعنى أثبت يقر إقرارا، فهو مقر، فقولهم مأخوذ من
قر، بمعنى ثبت فيه تجوز (قوله: وشرعا الخ) قال ع ش: بين المعنى اللغوي والشرعي التباين، لأن إخبار الشخص الخ غير الإثبات، وبينهما التناسب بحسب الأول.
اه.
(وقوله: بحق عليه) أي بحق على المقر لغيره، فخرجت الشهادة، لأنها إخبار يحق للغير على الغير، والدعوى أيضا لأنها إخبار بحق له على غيره، وهذا كله في الأمور الخاصة، وأما الأمور العامة، أي التي تقتضي أمرا عاما لكل أحد، فإن أخبر فيها عن محسوس كإخبار الصحابي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما الأعمال بالنيات فرواية، وإن أخبر عن أمر شرعي، فإن كان فيه إلزام فحكم، وإلا ففتوى.
فتحصل ان الأقسام ستة (قوله: أيضا بحق عليه) كان ينبغي أن يزيد أو عنده، ليشمل الإقرار بالعين.
اه.
ش ق (قوله: ويسمى) أي مذلول الإقرار لغة، أو شرعا، (وقوله: اعترافا) أي كما يسمى إقرارا (قوله: يؤخذ بإقرار مكلف) يصح في إعراب هذا التركيب
(١) سورة آل عمران، الاية: ٨١.
(٢) سورة النساء، الاية: ١٣٥.
(٣) سورة البقرة، الاية: ٢٨٢.