زيد بن عمرو: إنّك لَوْ أشَرْتَ برجل من المُسلمين ائتَمنَك الناسُ، فقال عمرُ: قد رأيْتُ من أصحابي حِرْصًا سيّئًا وإني جاعل هذا الأمر إلى هؤلاء النفر الستّة الذين مات رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو عنهم راضٍ. ثمّ قال: لو أدْرَكَني أحدُ رجلين فجعلتُ هذا الأمرَ إليه لوَثِقْتُ به: سالمٍ مولى أبي حُذيفَة وأبي عُبيدة بن الجرّاح (١).
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال عمر: مَنْ أسْتَخْلِفُ لو كان أبو عُبيدة بن الجرّاح، فقال له رجلٌ: يا أمير المؤمنين فأينَ أنت من عبد الله بن عمر؟ فقال: قاتَلَك الله والله ما أردتَ (٢) اللهَ بهذا، أسْتَخْلِفُ رجلًا ليس يُحْسنُ يُطلّقُ امْرَأتَه!
قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حمّاد بن زيد قال: أخبرنا أيّوب عن عبد الله بن أبي مُليكة أنّ ابن عمر قال لعمر بن الخطّاب: لو استخلفتَ، قال: مَنْ؟ قال: تَجْتَهِدُ فإنّك لستَ لهم بربٍّ تجتهد، أرأيتَ لو أنّك بعثْتَ إلى قيّم أرضك ألم تكن تُحِبُّ أن يَسْتَخْلِفَ مكانَه حتى يَرْجِعَ إلى الأرض؟ قال: بلى، قال: أرأيتَ لو بعثتَ إلى راعي غنمك ألم تكن تُحبّ أن يَسْتَخْلِفَ رجلًا حتى يرجع؟ قال حمّاد: فسمعتُ رجلًا يحدّث أيّوب أنّه قال: إنْ أسْتَخْلِفْ فقد استخلف مَنْ هو خير منّي، وإن أتْرُكْ فقد ترك من هو خير منّي. فلمّا عرّض بهذا ظننتُ أنّه ليس بمستخلف.
قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا هارون البربريّ عن عبد الله بن عبيد قال: قال ناس لعمر بن الخطّاب: ألا تَعْهَدُ إلينا؟ ألا تُؤمّرُ علينا؟ قال: بأيّ ذلك آخُذْ فقد تَبَيّنَ لي.
قال: أخبرنا شهاب بن عباد العبدي قال: حدّثنا إبراهيم بن حُميد عن ابن أبي خالد قال: أخبرنا جُبير بن محمّد بن مُطعم بن جُبير بن مطعم قال: أُخبرتُ أنّ عمر قال لعليّ: إن وليتَ من أمر المسلمين شيئًا فلا تحملنّ بني عبد المطّلب على رقاب النّاس، وقال لعثمان: يا عثمان إن وليتَ من أمر المسلمين شيئًا فلا تحملنّ بني أبي مُعيط على رقاب الناس.
(١) أورده ابن عساكر في تاريخه ص ٣٦٥ من ترجمة عمر.
(٢) في متن ل "أردتُ" وبالهامش: الشيخ محمد عبده "أردتَ" وآثرت قراءة الشيخ اعتمادًا على رواية ث.