فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: كلّ نائحة تكذب إلا أمّ سعد. ثمّ خرج به، قال يقول له القوم أو من شاء الله منهم: يا رسول الله ما حملنا ميّتًا أخفّ علينا من سعد. فقال: وما يمنعه (١) من أن يَخِفّ عليكم وقد هبط من الملائكة كذا وكذا، قد سمّى عدّة كثيرة لم أحفظها، لم يهبطوا قطّ قبل يومهم قد حملوه معكم (٢).
أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن أبي سفيان عن سلمة بن أسلم بن حَرِيش قال: رأيتُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ونحن على الباب نريد أن ندخل على أثره فدخل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وما في البيت أحد إلّا سعد مسجّى. قال فرأيتُه يتخطّى فلمّا رأيتُه وقفتُ، وأومأ إليّ: قف، فوقفتُ ورددتُ مَن ورائي، وجلس ساعةً ثمّ خرج فقلتُ: يا رسول الله ما رأيتُ أحدًا وقد رأيتك تتخطّى، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: ما قدرتُ على مجلس حتى قبض لي ملك من الملائكة أحدَ جناحَيْه فجلستُ، ورسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول: هنيئًا لك أبا عمرو، هنيئًا لك أبا عمرو، هنيئًا لك أبا عمرو.
أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني محمّد بن صالح عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال: فانتهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأمّ سعد تبكي وهي تقول:
وَيْل أمّ سعدٍ سعدَا … جَلادَةً وَجِدّا
فقال عمر بن الخطّاب: مهلًا يا أمّ سعد لا تذكري سعدًا، فقال النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -: مهلًا يا عمر فكلّ باكية مُكَذَّبَة إلّا أمّ سعد ما قالت من خير فلم تكذب.
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي قال: أخبرنا ليث بن سعد قال: أخبرنا أبو الزبير عن جابر قال: رُمي سعد بن مُعاذ يوم الأحزاب فقطعوا أكحله فحسمه رسول الله بالنّار فانتفخت يده فنزفه، فحسمه أخرى.
أخبرنا عفّان بن مسلم وكثير بن هشام قالا: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أنّ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كوى سعدَ بن معاذ من رميته.
أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي قال: أخبرنا شُعبة قال: حدّثني سماك قال: سمعتُ عبد الله بن شدّاد يقول: دخل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على سعد بن
(١) ث، ل "ما يمنعكم" وقد اتبعت ما ورد بتاريخ الإسلام للذهبي، وكذلك ما ورد بسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٨٧.
(٢) أورده الذهبي في تاريخ الإسلام ص ٣٢٤ من المغازي.