العبّاس: يا رسول الله هذا أخوك وابن عمّك أبو سفيان بن الحارث فارْضَ عنه، قال: قد فعلتُ فغفر الله له كلّ عداوة عادانيها. ثمّ التفت إليّ فقال: أخي، لَعَمْري فَقَبّلتُ (١) رِجْلَه في الركاب.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا عمرو بن أبي زائدة عن أبي إسحاق قال: كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب يهجو أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا أسلم قال:
لَعَمْرُكَ إنّي يَوْمَ أحْمِلُ رايَةً … لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللَّاتِ خيلَ محمدِ
لَكالمُدْلِجِ الحَيرانِ أظلَمَ ليلُهُ … فهذا أواني اليَوْمَ أُهْدَى (٢) وأهْتدي
هَدانيَ هادٍ غَيرُ نَفْسي وَدَلّني … على اللهِ مَن طَرّدْتُ كلَّ مُطرَّدِ (٣)
فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بل نحن طردناكم.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء وسأله: يا أبا عُمارة أوَلَّيْتُم يومَ حُنَين؟ فقال البراء وأنا أسمع: أشهد أنّ نبيّ الله، - صلى الله عليه وسلم -، لم يُوَلّ يومئذٍ، كان يقود أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب بَغْلَتَهُ (٤) فلمّا غشيه المشركون نزل فجعل يقول:
أنا النبيّ لا كَذِبْ … أنا ابن عبد المُطّلبْ
قال فما رُئيَ من الناس أحد يومئذٍ كان أشدّ منه.
قال: أخبرنا عليّ بن عيسى النوفليّ عن أبيه عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عبد الله بن الحارث بن نوفل أنّ أبا سفيان بن الحارث كان يشبَّه بالنبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، وأنّه كان أتى الشأمَ فكان إذا رُئي قيل هذا ابن عمّ ذاك الصابي لِشَبَههِ به (٥).
(١) في ل "قبّلت" والمثبت من ث.
(٢) ث "أَهْدِي".
(٣) الإصابة ج ٧ ص ١٧٩.
(٤) في ل "بغلة" والمثبت من ث، ومثله لدى الصالحي في سبل الهدى جـ ٥ ص ٤٨٠. وهو ينقل عن ابن سعد.
(٥) في متن ل "قيل هذا ابن عمر ذلك المَآبي، لشبْهه به" وبالهامش: قراءة دى خويه "هذا ابن عمّ ذلك الصابي" وقد آثرت قراءته اعتمادًا على رواية ث.