لقد عَلِمَتْ أفناءُ كَعْبٍ وعامِرٍ … غَداةَ حُنَينٍ حينَ عَمّ التّضَعضُعُ
بأنّي أخو الهَيْجَاءِ أَرْكَبُ حَدّها (١) … أمامَ رَسول اللهِ لا أتَتَعْتَعُ
رَجاءَ ثَوابِ اللهِ واللهُ واسِعٌ … إلَيْه تَعالى كُلُّ أمْرٍ سَيَرْجِعُ
قالوا: وأطعم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أبا سفيان بن الحارث بخَيْبَرَ مائة وسقٍ كلّ سنةٍ.
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم وعارم بن الفضل قالا: حدّثنا حمّاد بن سَلَمَة عن عليّ بن زيد عن سعيد بن المسيّب أنّ أبا سفيان بن الحارث كان يصلّي في الصيف بنصف النهار حتى (٢) تُكْرَه الصلاةُ، ثمّ يصلّي من الظهر إلى العصر، فلقيه عليّ ذات يومٍ وقد انصرف قبل حينه فقال له: ما لك انصرفتَ اليومَ قبل حينك الذي كنتَ تنصرف فيه؟ فقال: أتيتُ عثمانَ بن عفّان فخطبتُ إليه ابنتَه فلم يُحِرْ إليّ شيئًا فقعدتُ ساعةً فلم يُحِرْ إليّ شيئًا. فقال عليّ: أنا أُزوّجك أقرب منها، فزوّجه ابنتَه.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون وعفّان بن مُسْلِم قالا: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن هشام بن عُرْوة عن أبيه قال: قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: أبو سفيان بن الحارث سيّد فِتْيان أهل الجنّة. فحجّ عامًا فحلقه الحلّاق بمنًى وفي رأسه ثُؤلولٌ فقطعه الحلّاق فمات. قال يزيد في حديثه فَيَرَوْنَ أنّه شهيد. وقال في حديثه عفان: فمات فكانوا يرجون أنّه من أهل الجنّة.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا سفيان عن أبي إسحاق قال: لما حضر أبا سفيان الوفاة قال لأهله: لا تبكوا عليّ فإنّي لم أتَنَطّفْ بخطيئة منذ أسلمت.
قالوا: ومات أبو سفيان بالمدينة بعد أخيه نوفل بن الحارث بأربعة أشهر إلا ثلاث عشرة ليلة. ويقال بل مات سنة عشرين وصلّى عليه عمر بن الخطّاب وقُبِرَ في رُكْنِ دار عَقيل بن أبي طالب بالبقيع، وهو الذي وَلِيَ حَفْرَ قبر نفسه قبل أن يموت بثلاثة أيّام ثمّ قال عند ذلك: اللهمّ لا أبقى بعد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولا بعد
(١) ث "جدها".
(٢) ث "حين".