نصنع وقد فررنا من الزّحْف وبُؤنا بالغضب؟ فقلنا ندخل المدينة فنبيتُ بها ثمّ نذهب فلا يرانا أحد. ثمّ دخلنا فقلنا لو عرضنا أنفسنا على رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإن كانت لنا توبةٌ أقَمْنا وإن كان غير ذلك ذهبنا. قال فجلسنا إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قبل صلاة الفجر فلمّا خرج قُمْنا إليه فقلنا يا رسول الله نحن الفَرَّارُون (١)، فقال: لا بل أنتم العَكّارون، قال فدنونا فقبّلنا يده فقال، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إنّا فِئَةُ المُسْلمينَ.
قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدىّ قال: حدّثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عَقيل عن ابن عمر أنّ النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كساه حُلّةً سِيَراءَ وكسا أسامةَ قُبْطِيَّتَيْنِ ثمّ قال: ما مسّ الأرض فهو فى النّار.
قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسيّ قال: حدّثنا لَيْث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أنّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بعثَ سريّة قِبَلَ نَجْدٍ فيهم ابن عمر وأنّ سهامهم بلغت اثنى عشر بعيرًا اثنى عشر بعيرًا. ثمّ نُفّلوا سوى ذلك بعيرًا بعيرًا فلم يغيّره رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قال: أخبرنا رَوْح بن عُبادة قال: حدّثنا الأسود بن شَيبان قال: حدّثنا خالد ابن سُمير عن موسى بن طلحة قال: يرحَمُ الله عبد الله بن عمر -إمّا سمّاه وإمّا كناه- والله إنى لأحْسِبه على عهد رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الذى عهده إليه لم يُفْتَنْ بعده ولم يتغيّر، والله ما اسْتَفزَّته (٢) قريش فى فتنتها الأولى، فقلتُ فى نفسى إنّ هذا ليَزْرى على أبيه فى مقتله.
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سَلَمة قال: أخبرنا أبو سِنان عن يزيد بن مَوْهَب أنّ عثمان قال لعبد الله بن عمر: اقْضِ بين الناس، فقال: لا أقضى بين اثنين ولا أؤمّ اثنين. قال فقال عثمان: أتعصينى (٣)؟ قال: لا ولكنّه بلغنى أن القُضاة ثلاثة: رجل قَضَى بجهل فهو فى النّار، ورجل حَافَ
(١) فى متن ل "الغرارون" وبالهامش قراءة دى خويه "الفرّارون" وآثرت قراءته اعتمادا على رواية ث وعلى ما ورد لدى ابن الأثير في النهاية (عكر) "أنتم العَكارُون لا الفَرَّارون أى الكرارون إلى الحرب. . .".
(٢) فى طبعة ليدن والطبعات اللاحقة "استغرته" والمثبت من ث وابن عساكر ص ٣٤ وهو ينقل عن ابن سعد.
(٣) فى متن ل "أَتَقْصِينى" وبالهامش قراءة دى خويه "أَتُقضينى" والمثبت رواية ث.