فقال: ادفعوها إليه، قالت: فنحن نُرضيه منها، قال: أنتم أعلم، فقالوا للسائل: إنّه قد اشتهَى هذه السمكة، قال: وأنا والله اشتهيتُها، قال فَمَاكَسَهُم حتى أعطوه دينارًا، قالت: إنّا قد أرضيناه، قال: لذلك قد أرْضَوْكَ ورَضيتَ وأخذتَ الثمنَ؟ قال: نعم، قال: ادفعوها إليه (١).
قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدّثنا مُعْتَمِر بن سليمان عن قُرّة بن خالد عن ابن سيرين أنّ ابن عمر كان يتمثّل بهذا البيت:
يُحبّ الخمْرَ مِن مالِ النّدامى … وَيَكرَهُ أنْ تُفارِقَهُ الفُلُوسُ
قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدّثنا جعفر بن بُرْقان قال: حدّثنا ميمون ابن مِهْران أنّ امرأة ابن عمر عوتِبَتْ فيه فقيل لها: ما تَلْطُفينَ بهذا الشيخ؟ قالت: وما أصنع به؟ لا يُصْنَعُ له طعام إلّا دعا عليه من يأكله. فأرسلت إلى قومٍ من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد فأطعمَتْهم وقالت: لا تجلسوا بطريقه. ثمّ جاء إلى بيته فقال: أرْسِلوا إلى فلان وإلى فلان، وكانت امرأته قد أرسلت إليهم بطعام وقالت: إن دعاكم فلا تأتوه، فقال: أرَدْتُمْ أن لا أتعشّى الليلةَ. فلم يَتَعَشّ تلك الليلة (٢).
قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدّثنا حمّاد بن سَلَمة عن أبي الزبير عن عطاء مولى ابن سِباع قال: أقرضتُ ابن عمر ألْفَىْ درهم فبعث إلىّ بألفى وافٍ فَوَزَنْتُها فإذا هى تزيد مائتَىْ درهم فقلتُ، ما أرى ابن عمر إلّا يجرّبنى، فقلتُ: يا أبا عبد الرحمن إنّها تزيد مائتى درهم، قال: هى لك.
قال: أخبرنا محمد بن يزيد بن خُنيس المكىّ قال: سمعتُ عبد العزيز بن أبي رَوّاد قال حدّثنى نافع أنّ عبد الله بن عمر كان إذا اشتدّ عَجَبُه بشئ من ماله قرّبه لربّه، قال فلقد رأيتُنا ذات عشيّة وكنّا حُجّاجًا وراح على نجيب له قد أخذه بمالٍ فلمّا أعجبَتْه رَوْحَتُه وسرّه أَنَاخَه، ثُمّ نزل عنه (٣) ثمّ قال: يا نافع، انْزعوا زِمامَه ورَحْلَه وجلّلوه وأشْعِروه وأدخلوه في البُدْن (٤).
(١) ابن عساكر في تاريخه ج ٣٧ ص ٦١ نقلا عن ابن سعد.
(٢) أورده ابن عساكر في تاريخه ج ٣٧ ص ٦٨ نقلا عن ابن سعد.
(٣) في المطبوع "وسره إناخته ثم نزل عنه" والمثبت رواية ث ومثلها لدى ابن عساكر ج ٣٧ ص ٥٣.
(٤) ابن عساكر ج ٣٧ ص ٥٣.