والدهاقِين وبيده رَغِيفٌ وَعَرْقٌ (١) من لحم على حمار على إكَافٍ، فقال: فقرأَ عهدَه عليهم، فقالوا: سَلْنَا ما شِئْتَ، قال: أسألكم طعامًا آكله، وعَلفَ حماري هذا ما دُمتُ فيكم من تِبْرٍ، قال: فَأَقامَ فيهم ما شاء الله، ثم كتب إليه عُمَرُ أن أَقدِم، قال: فلما بلغ عمرَ قدومُه كمن له على الطريق في مكان لا يراه، فلما رآه عُمَرُ على الحال التي خرج من عنده عليها أتاه فالتَزَمَه وقال أنتَ أخي وأنا أخوك (٢).
أخبرنا وَكِيعُ بنُ الجرّاحِ والفَضْلُ بنُ دُكين عن مالك بن مِغْوَل عن طلحة قال: قَدم حُذَيفَةُ المدائنَ على حمار على إكافٍ سادلًا رِجلَيه وبيده عَرْقٌ وهو يأكل.
أخبرنا وكيع بن الجراح عن سفيان عن أبيه عن عِكْرِمَةَ، قال: هو رُكوبُ الأنبياء يَسدلُ رجليه من جانب.
أخبرنا طَلقُ بنُ غَنّام النَّخَعِيّ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن جُرَيْش عن حماد، قال: أخبرنا مجاهدٌ أن حُذَيْفَةَ بنَ اليَمان توجّه إلى المدائن فمرّ بدِهقان فأضافَهُ فَقَرّب إليه طعامًا فطَعمَ ثم جاء بماء في إناء من فِضّة، فلما أَخَذَ حُذَيْفَةُ الإناءَ ضَرَبَ به وَجْهَ الدِّهقان وكانت فيه حِدَّةٌ، وكنا إذا سألناه سكتَ فَلَمْ يُحَدِّثنا، وإذا لم نسأله حَدَّثنا، فقال: أتدرُون ما حَمَلَني على ما صنعتُ بهذا؟ قلنا: لا، يا صَاحِبَ رسولِ الله، قال: إني مَرَرْتُ به قَبلَ مَرّتي هذه، فسقاني في هذا الإناء فَنَهيتُه أن يَسقِيَني فيه، ثم جاءني به الآن، وإنما حملني على ذلك أني سَمِعْتُ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول: لَا تَشْرَبُوا في آنيةِ الذّهَبِ والفِضَّةِ ولا تأكلوا فيها ولا تَلْبَسُوا الحريرَ والديباجَ فإنه للمشركين في الدنيا، وهو لكم في الآخرة.
أخبرنا أحمدُ بنُ عبدِ الله بن يُونس، قال: حدثنا أبو بكر بن عَيّاش، قال: سمعتُ أبا إسحاق يقول: كَان حُذَيْفَةُ يجيء كل جمعة من المدائن إلى الكوفة، قال أبو بكر فقلتُ له يستَطِيعُ أن يجيء من المدائن إلى الكوفة؟ قال: نعم، كانت له بغلة فارهة.
حدّثنا محمد بن عبد الله الأسدي، قال: حدّثنا سفيان عن حُصَين عن ذَرّ عن رجل عن حُذَيْفَةَ أنه كان يَسْتنجي بالماء.
(١) العرق: العظم إذا أُخذ عنه معظم اللحم (النهاية).
(٢) مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور ج ٦ ص ٢٥٦.