ذلك اختلاف. ويقول الكوفيون في روايتهم: أبو مسعُود البدري، وليس ذلك بثَبتٍ، ولكنه قد شهد أُحدًا وما بعد ذلك من المشاهد (١).
أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي، عن شعبَة، قال: أخبرني الحكم، أن أبا مسعود كان بدريًّا. قال شعبةُ: فذكرته لسعد بن إبراهيم فقال: ما كان بدريًا.
وقال محمد بن عُمَر، وسعد بن إبراهيم وغيره من رواة العلم والسيرة من أهل المدينة: أعلم بذلك من الحكم وغيره من أهل الكوفة.
أخبرنا سليمان بن حربٍ، قال: حدثنا حمّادُ بن زيد، عن يحيى بن عتيق، عن محمد بن سيرين، قال: كانوا يُشَبِّهُونَ تجاليدَ (٢) أبي مسعودِ بتجاليد عمر.
أخبرنا سليمانُ بن حربٍ، قال: حدثنا حمادُ بن زيد، عن أيوبَ. وهشامُ بن حسان، عن محمد بن سيرينَ، قال: قال أبو مسعود: كنتُ عزيزَ النفسِ، وحَمِيَّ الأنف، لا يَسْتَغِلُّ (٣) مِنِّي أحد شيئًا سُلطانٌ ولا غيرهُ، فأصبح أُمَرَائي يُخَيِّرُونني بين أن أُقيمَ على ما أَرغَم (٤) أنفي وَقَبَّحَ وجهي، وبين أن آخذ سيفي فأَضْرِبَ به، فأدخُلَ النَّار، فأنا أختَارُ أن أقيم على ما أرغم أنفي وقبّح وجهي ولا آخذُ سيفي فأضرب به فأدخل النار (٥).
وأخبرنا عارمُ بن الفضل، قال: حدثنا حمادُ بن زيد، عن مُجالد بن سعيد، عن عامر الشَّعبيّ، قال: لما خرج علي بن أبي طالب إلى صِفّين استخلف أبا مسعود الأنصاري على الكوفةِ، وكانَ رجالٌ من أهل الكوفةِ قد اسْتَخْفَوا، فلما خَرَجَ عليّ ظهَرُوا، فكانَ ناسٌ يأتونَ أبا مسعود فيقولون: قد والله أهلَكَ الله أعداءهُ وأظهَر أميرَ المؤمنينَ، فيقول أبو مسعود: إنّي والله ما أعدّهُ ظفرًا ولا عافيةً أن تظهر إحدى الطائِفتَين على الأخرى. قالوا: فمَهْ؟ قالَ: يكونُ بين القومِ صُلح. قال: فلما
(١) انظره لدى ابن حجر في الإصابة ج ٤ ص ٥٢٤.
(٢) أجلاد الإنسان وتجاليدهُ: جماعة شخصه أو جسمه. القاموس (ج ل د).
(٣) في الأصل "لا يستفل" والمثبت عن ابن عساكر في تاريخه والذهبي في سير أعلام النبلاء.
(٤) في الأصل "على أرغم أنفي" والمثبت لدى ابن عساكر والذهبي في السير.
(٥) أخرجه ابن عساكر في تاريخه والذهبي في السير.