غير عذرٍ، ولم يأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيعتذروا إليه فيستغفر لهم كما فعل بغيرهم، فأرجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَهُم، ونهى الناسَ عن كلامِهم حتى نزل القرآنُ بتوبتهم فتاب الله عليهم قوله (١): {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ} سورة التوبة: ١١٨ فَأَتَوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك فاسْتَغْفَرَ لهم.
أخبرنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا أبو سعيد عبد الله بن عبد الرحمن الجُمَحِيّ، عن الزهري عن عبد الرحمن - أو عُبيد الله - بن كعب بن مالك السَّلِمِيّ (٢): أن كعب بن مالك كان أحد الثلاثة لما جاءت التوبة خرَّ للهِ سَاجدًا وأعطَى الذي بشره ثَوْبَيه.
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا عبد الله بن عون، عن محمد بن سِيرِين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى كعبَ بن مالك على جَمَلٍ قد شنق له حتى بلغ رأس المَوْرِكِ (٣)، فقال: أين هو؟ فجاء من خلفه، فقال: هيه. فأنشده فقال لهو أشد عليهم من وقع النَّبل.
أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، قال: حدثنا ابن لَهِيعَةَ، عن الأعرج، عن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، عن كعب بن مالك: أنه كان له مال على عبد الله بن أبي حَدرَد الأسلميّ، فلقيه فلزمه فتكلما حق ارتفعت الأصواتُ، فَمَرَّ بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا كعب، وأشار بيده كأنه يقول: النِّصف، فَأَخَذَ نِصْفًا مما عليه وتَرَكَ نِصْفًا.
أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا أيوب بن النعمان من ولدِ كعب بن
(١) لدى ابن عساكر كما في مختصر ابن منظور ج ٢١ ص ٢٠٢ "وأرجأ رسول الله أمرنا حتى قضى الله في ذلك، قال الله - عز وجل - {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا. . .}.
(٢) كذا ضبطت هذه النسبة ضبط قلم بكسر اللام في الأصل "وورد لدى السمعاني في الأنساب (السَّلَمي) هذه النسبة - بفتح السين المهملة، وفتح اللام - إلى بني سَلَمة حيّ من الأنصار، خرج منها جماعة وهم سَلَمِيّون، وهذه النسبة وردت على خلاف القياس. وهذه النسبة عند النحويين. وأصحابُ الحديث يكسرون اللام على غير قياس النحويين. ثم استطرد السمعاني قائلًا: ومنهم كعب بن مالك السَّلَمي شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا.
(٣) ورد لدى ابن الأثير في النهاية (ورك) وفيه "حتى إن رأس ناقته ليصيب مَوْرِك رحله" المَوْرِك: المرفقة التي تكون عند قادمة الرحل يضع الراكب رجله عليها ليستريح من وضع رجله في الركاب: أراد أنه قد بالغ جذب رأسها إليه ليكفها عن السير.