اللسان. قال عليٌّ: فكنتَ عَزَلْتَه عن التبذير في المال وتتركه على جنده! قال: لم يكن يرضى، قال: فَهَلَّا بَلَوْتَهُ (١)؟!
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني يزيد بن عبد الملك، عن الحارث بن الحكم الضَّمْرِيّ، عن شيخ من بني غِفَار، قال: سمعتُ عمرَ بن الخطاب بعد أن مات خالد بن الوليد - وعمر فيما بين قُدَيدٍ وعَسَفَان يقول: وذكر خالدًا وموته - قال: قد ثُلِمَ في الإسلام ثُلْمةٌ لَا تُرْتَق فقلت: يا أمير المؤمنين لم يكن رَأْيُك في حياته على هذا! فقال: نَدِمْتُ على ما كان مِنِّي إليه (٢).
قال محمد بن عمر: وحدثني غير يزيد بن عبد الملك قال: حجَّ عمر بن الخطاب ومعه زبيد بن الصلت وكان كثيرًا ما يسايره، قال: فَعَرَّسنا من الليل بأسفل ثنيّة غَزال، فَجَعلتِ الرّقاقُ تمر من الشام يذكرون خالد بن الوليد بعد موته ويقول راجزهم:
إذا رأيتَ خَالدًا تَجفّفا
وكان بين الأعجَمِين مُنْصِفَا … وهَبَّت الرِّيحُ شمالًا حَرجَفَا.
قال: فجعل عمر يترحم عليه، فقال له زُبيد: ما وجدتُ مثلكَ ومثله إلَّا كما قال الشاعر:
لا أعرفَنَّكَ بعدَ الموتِ تَنْدُبُني … وفي حياتي ما زَوَّدْتَنِي زَادِي (٣)
فقال عمر: لا تقول ذلك، فوالله ما نقمت على خالدٍ في شيء إلا في إعطائِه المال، والله لَيْتَهُ بَقِيَ ما بقي بالجَمَّاءِ حَجَرٌ.
قال: أخبرنا عبد الله بن الزُّبَير الحُمَيْدِيّ، قال: حدّثنا سُفْيان بن عُيَيْنَةَ، قال: حدّثنا إسماعيل بن أَبِي خالد، قال: سمعت قيس بن أَبِي حازم يقول: لما مات خالد بن الوليد قال عمر - رحمه الله -: يرحم الله أبا سليمان لقد كنّا نظنُّ بهِ أمورًا ما كانت (٤).
(١) أورده ابن عساكر في تاريخه بسنده ونصه كما في المختصر ج ٨ ص ٢٦.
(٢) الخبر لدى ابن عساكر في تاريخه كما في المختصر ج ٨ ص ٢٦.
(٣) البيت لعبيد بن الأبرص، من قصيدة يخاطب فيها حجر بن الحارث، وكان بلغه أنه توعده. انظر تخريجها في ديوانه بتحقيق د. حسين نصار ص ٤٦.
(٤) أخرجه المصنف عندما ترجم لخالد فيمن نزل الشام من الصحابة.