الخزرج يَرُدّ أبا ثابت في أمرٍ يهواهُ فاستحيا القوم وأَطلقوا صفوان من الوَثاق، فذهب بهِ سعدٌ إلى بيتهِ فكساهُ حُلَّةً، ثم خرج صَفوانُ حتى دخل المسجد ليصلي فيه، فرآهُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: صفوان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: مَن كساه؟ قالوا: سعد بن عُبادة، قال: كساه الله من ثياب الجنة.
ثم كلَّم سعدُ بن عُبادة حَسَّانَ بن ثابت فقال: لا أُكلِّمك أبدًا إن لم تذهب إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فتقول: كلّ حقٍّ هو لي قِبَلَ صَفوان فهوَ لك يا رسول الله، فأقبل حسان بن ثابت في قومه حتى وقف بين يدي رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، كل حقٍّ لي قِبَلَ صفوان بن المُعَطَّل فهو لك. فقال قد أحسنتَ وقبلتُ ذلك. وأعطاهُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أرضًا براحًا (١) وهي بَيْرَحاء (٢) وما حولها وسِيرِين أخت مارية. وأعطاهُ سعد بن عُبادة حائطًا يَجُدّ (٣) مالًا كثيرًا عِوَضًا له ممّا عفا عَنْ حقّهِ.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرَة، قال: أخبرني سُلَيْمان بن سُحَيم، عن نافع بن جُبَير بن مُطْعِم، أَنَّ حَسَّان بن ثابت حبس صفوان، فلما بَرِئ حسان أرسل إليه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا حَسّان أَحْسِنْ فيما أصابك. فقال: هو لك يا رسول الله. فأعطاهُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بَيْرَحَاء وأعطاه سِيرِين عِوضًا (*).
قال محمد بن عمر: وشهد صفوان مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، الخندقَ ومشاهدَهُ كلها، وكان مع كُرْز بن جابر الفِهريّ في طلب العُرَنيين الذين أغاروا على لِقاح رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بذي الجَدْر (٤)، ومات صفوان بسُمَيساط (٥) سنة ستين.
قال: أخبرنا وهب بن جرير، قال: حدّثنا أبي، قال: سمعت الحسن، قال: لما قال حسان بن ثابت في شأن عائشة ما قال: حلف صفوان بن المُعَطَّل لئن
(١) البراح: المتسع من الأرض.
(٢) هي مال كانت لأبي طلحة بن سهل، وتصدق بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ابن هشام في السيرة) ج ٣ ص ٣٠٦.
(٣) الجداد: صرام النخل، وهو قطع ثمرتها (ابن الأثير).
(٤) الخبر لدى الواقدي ص ٥٦٨ وابن عساكر: مختصر ابن منظور ج ١١ ص ١٠٢.
(٥) مدينة على شاطئ الفرات في غربيه في طرف بلاد الروم.