حدّثني ضَمْضَم بن جَوْس قال: دخلتُ مسجدًا لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أنا بشيخ يضْفرُ رأسه برّاق الثنايا، قلتُ: مَن أنت رحمك الله؟ قال: أنا أبو هريرة.
قال: أخبرنا عَمْرو بن الهَيْثَم، عن ابن أَبِي ذِئْب، عن عثمان بن عبيد الله قال: رأيتُ أبا هريرة يصفّر لحيته ونحن في الكُتَّاب.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين عن قُرَّةَ بن خالد قال: قلتُ لمحمد بن سِيرِين: كان أبو هريرة يخضب؟ قال: نعم خِضابي هذا، وهو يومئذٍ بحنّاء.
قال: أخبرنا عَمْرو بن الهَيْثَم قال: حدّثنا أبو هلال، عن محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة قال: كنتُ عاملًا بالبحرين فقدمتُ على عمر بن الخطّاب فقال: عدوًّا لله وللإسلام (١)، أو قال: عدوًّا لله ولكتابه سرقتَ مال الله، قلتُ: لا ولكني عدوّ مَن عاداهما، خَيْلٌ لي تناتجت وسِهام لي اجتمعت، فأخذ مني اثني عشر ألفًا، قال: ثمّ أرسل إليّ بعدُ أن لا تعمل؟ قلتُ: لا، قال: لِمَ؟ أليس قد عمل يوسف؟ قلتُ: يوسف نبيّ ابن نبيّ فأخشى من عَمَلكم ثلاثًا أو اثنتين، قال: أفلا تقول خمسًا؟ قلت: لا، أخاف أن يشتموا عرضي ويأخذوا مالي ويضربوا ظهري، وأخاف أن أقولَ بغير حِلْم وأقضي بغير علم (٢).
قال: أخبرنا هَوْذَة بن خليفة وعبد الوهّاب بن عطاء ويحيَى بن خُليف بن عقبة وبكّار بن محمّد قالوا: حدّثنا ابن عون، عن محمد بن سِيرين عن أبي هريرة قال: قال لي عمر يا عدوّ الله وعدوّ كتابه أسَرَقْتَ مال الله؟ قال فقلتُ: ما أنا بعدوّ الله ولا عدوّ كتابه ولكني عدوّ مَن عاداهما ولا سرقتُ مال الله، قال: فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف؟ قال قلتُ: يا أمير المؤمنين خيلي تناسلت وسهامي تلاحقت وعطائي تلاحق. قال: فأمر بها أمير المؤمنين فقُبِضَتْ. قال فكان أبو هريرة يقول: اللهمّ اغفر لأمير المؤمنين.
قال: أخبرنا عَمْرو بن عاصم الكِلَابِيّ قال: حدّثنا هَمّام بن يحيَى قال: حدّثنا إسحاق بن عبد الله أنّ عمر بن الخطّاب قال لأبي هريرة: كيف وجدتَ الإمارةَ يا أبا هريرة؟ قال: بعثتَني وأنا كاره ونزعتَني وقد أحببتُها. وأتاه بأربعمائة
(١) ث "عدوّ الله والإسلام" ولدى ابن عساكر "يا عدوّ الله وعدوّ الإسلام".
(٢) أورده ابن عساكر في تاريخه.