قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير قال: قال عمر بن الخطاب يوما لمُتَمّم بن نُوَيْرَة: حدّثنا عن أخبار أخيك ببعض خصاله. فقال متمم: في أَيّها يا أمير المؤمنين؟ ققال عمر: هل كانت له شجاعة مع السخاء؟ قال: يا أمير المؤمنين لقد كان يكون في الليلة القَرَّة (١) عليه البُرْدَة الفَلتةَ (٢)، على الجمل الثَّفَال، يحمل المزادة الوافرة، يقود الفرس الحَرُون (٣) فيصبح في مغار الخيل. فقال عمر: وأبيك إن هذا لجلد وإقدام (٤).
قال محمد بن عمر، ورثا متمم بن نويرة أخاه مالكًا بشعر كثير، وهو الذي يقول:
وكُنا كَنَدْمَانَيْ جَذيمةَ حِقبةً … من الدَّهرِ حتى قِيلَ لن يَتَصَدَّعَا
فَلَما تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا … لِطُولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ لَيلةً معَا
في قصيدة طويلة يصفه فيها (٥).
قال محمد بن عمر: فحدّثنى موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمِيّ عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب لمتَمِّم: لقد قلتَ في أخيك وذكرتَ خصالًا قَلَّما تكون في الرجال. فقال: يا أمير المؤمنين ما كذبتُ في حَرْفٍ واحد، إلا إني أعلم أن خصلة واحدة قد قلتها. قال: ما هي؟ قال قلت:
غير مِبْطَان العَشِيات أرْوَعَا
وقد علمت أنه قد كان له بطن حادر
(١) الباردة.
(٢) البردة الفلتة: التي لا تكاد تثبت على لابسها لأنها صغيرة لا ينضم طرفاها، فهى تفلت من يده إذا اشتمل بها.
(٣) كذا في الأصل بالحاء المهملة وتحتها علامة الإهمال للتأكيد، ومثله لدي ابن شاكر في الفوات ج ٣ ص ٢٣٤، وقرأها محقق ط "الجرون" بالجيم المعجمة بدل الحاء المهملة وهو خطأ. ثم أثقل المحقق الهوامش بشرحه لهذا الخطأ؟
(٤) انظره لدي ابن قتيبة في عيون الأخبار ج ٤ ص ٣١ وابن شاكر في فوات الوفيات ج ٣ ص، ٢٣٤.
(٥) الشعر والشعراء ج ١ ص ٣٣٨، ومعجم الشعراء للمرزبانى ٤٣٢، وفوات الوفيات ج ٣ ص ٢٣٥.