نبيّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ … وَيتْلُو كِتَابَ اللَّهُ فِي كُلّ مَشْهَدِ
فَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ … فَتصْدِيقُها فِي ضَحْوَةِ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ
لِتَهْنَ أبا بكر سَعَادَةُ جَدّهِ … بِصُحْبَتِه، مَن يُسعِدِ اللهُ يَسعدِ
ويَهْنِ بني كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتهم … ومقعدُها للمسلمين بِمَرْصَدِ (١)
قال عبد الملك: فبلغنا أن أم معبد هاجرت إلى النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، وأسلمت، وكان خروج رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من الغار ليلة الاثنين لأربع ليال خلون من شهر ربيع الأوّل فقال يوم الثلاثاء بقُديد (٢)، فلمّا راحوا منها عرض لهم سُراقة بن مالك بن جُعشم وهو على فرس له، فدعا عليه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فرسخت قوائم فرسه، فقال: يا محمّد ادعُ الله أن يطلق فرسي وأرجع عنك وأردّ من ورائي، ففعل، فأطلق ورجع فوجد النّاس يلتمسون رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ههنا وقد عرفتم بصرى بالأثر، فرجعوا عنه.
أخبرنا عثمان بن عمر عن ابن عون عن عُمير بن إسحاق قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعه أبو بكر فعرض لهما سراقة بن جُعْشُم فساخت فرسه، فقال: يا هَذان ادعُوَا ليَ الله ولكما ألّا أعود، فدعوَا الله فعاد فساخت فقال: ادعوَا ليَ الله ولكما ألّا أعود، قال: وعرض عليهما الزاد والحُملان فقالا: اكفِنا نفسَك، فقال: قد كفيتكماها.
ثمّ رجع الحديث إلى الأول، قال: وسَلَك رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في الخرّار ثمّ جاز ثنيّة المَرَةِ (٣) ثمّ سَلَكَ لَقْفًا (٤) ثمّ أجاز مَدْلَجَةَ لَقْفٍ ثمّ استبطن مدلجَة مِجاج ثمّ سلك مَرْجَحَ مِجاج ثمّ بَطْن مرجح ثمّ بَطْن ذي كَشْر (٥) ثمّ على
= "تسلعوا" الواردة في سائر الطبعات، تحريف.
(١) ديوان حسان ص ٣٧٦ والبيت الثالث هنا روايته هناك "وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا".
(٢) قديد: قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه.
(٣) ثنية المرة: قرب ماء يدعى الأحياء من رابغ، وهي من نواحي مكة.
(٤) لقف: هو الواقع بطريق الهجرة ولا يزال معروفًا، والمواضع التي ورد ذكرها بقربه لا تزال معروفة. وهو ماءُ آبار كثيرة. عذب ليس عليها مزارع ولا نخل فيها، لغلظ موضعها وخشونته.
(٥) في الأصول "ذات كشد" وهو تحريف. راجع ياقوت وانظره على الصواب لدى ابن هشام في السيرة ج ٢ ص ٤٩١.