عمر: فكيف خلق الإنسان من سبع؟ وجعل رزقه من سبع؟ فقد فهمت من هذا أمرًا ما فهمتُه.
قال ابن عباس: إن الله يقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} حتى بلغ إلى قوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} سورة المؤمنون: ١٢ - ١٤ قال: ثم قرأ: {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} سورة عبس: ٢٥ - ٣١. فأما السبعة فلبني آدم، وأما الأبّ فما أنبت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها - إن شاء الله - إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع يبقين.
قال: أخبرنا يحيى بن عباد، قال حدثنا شُعْبَةُ، عن أبي بِشْرٍ، عن سعيد بن جُبَيْرٍ، قال: كان عمر يُدْنِي ابنَ عباسٍ، فقال لهُ ابن عَوْف: لنا أبناء مثله، فقال: إنه مِنْ حَيْث تَعْلَم، فسأله عن هذه الآية {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قال: هذا أَجَلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعْلَمَه. فقال عمر: ما أعلم منه إلا مثل ما تعلم.
قال: أخبرنا بكار بن عبد الله بن عبيدة الرَّبَذيّ، عن عمه موسى بن عبيدة، عن يعقوب بن زيد، قال: كان عمر بن الخطاب يستشير عبد الله بن عباس في الأمر إِذَا أَهَمَّه ويقول: غُصْ غَوّاصُ.
قال: أخبرنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، أن العباس قال لعبد الله بن العباس: إني أرى هذا الرجل - يعني عمر بن الخطاب - قد أدناك وأكرمك وألحقك بقوم لست مثلهم. فاحفظ عني ثلاثًا: لا يُجرِّبَنَّ عليك كذبًا، ولا تفشيَنَّ له سِرًّا، ولا تَغْتَابَنَّ عنده أَحَدًا (١).
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن جعفر، عن ابن خثيم، عن مجاهد، قال: سمعت ابن عباس يقول: خدمتُ عمر خدمة لم يخدُمها إياه أحد من أهله، ولطفتُ به لطفًا لم يلطفهُ أحدٌ (٢) من أهله، فخلوت
(١) سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٤٦.
(٢) في الأصل "لم يلطف به" والمثبت من (ح) وكنز العمال برقم ١٤٢٥٥ وهو ينقل عن ابن سعد.