قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عيسى بن علقمة، عن داود بن الحصين، عن عِكْرِمة قال: سمعت ابن عباس يقول: قلت لعليّ يوم الحكمين: لا تُحكم الأشعري فإن معه رجلًا حَذِرًا، مَرسًا، قارحًا من الرجال، فَلُزَّني إلى جنبه، فإنه لا يحل عقدةً إلا عقدتها، ولا يعقد عقدةً إلا حللتها (١).
قال: يا ابن عباس! فما أصنع؟ إنما أُوتَى من أصحابي، قد ضَعُفَتْ نِيَّتُهُمْ (٢)، وكَلُّوا في الحرب، هذا الأشعث بن قيس يقول: لا يكون فيها مُضَرِيَّان أبدًا حتى يكون أحدهما يمانيّ. قال ابن عباس: فعذرته وعرفت أنه مضطهد، وأن أصحابه لا نِيَّةَ لهم (٣).
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عِكْرِمة، قال: سمعت ابن عباس يحدث عبد الله بن صفوان عن الخوارج الذين أنكروا الحكومة فاعتزلوا عليّ بن أبي طالب، قال: فاعتزل منهم اثنا عشر ألفًا فدعاني عليّ فقال: اذهب إليهم فخاصمهم وادعهم إلى الكتاب والسُّنّة، ولا تُحاجّهم بالقرآن فإنه ذو وجوه، ولكن خَاصِمْهم بالسُّنَّة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن جعفر، عن عمران بن منَّاح، قال فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم، في بيوتنا نزل، فقال عليّ: صدقت، ولكن القرآن حَمَّالٌ ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاجّهم بالسنن فإنهم لن يجدوا عنها محيصًا. فخرج ابن عباس إليهم وعليه حلّة حبرة، فحاجّهم بالسنن فلم تبق بأيديهم حُجّةٌ.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني شرحبيل بن أبي عون، عن أبيه، قال: لما كلمهم ابن عباس تفرقوا ثلاث فرق: منهم فرقة رجعت إلى مصرهم ومنازلهم التي بها قرارهم، وأقامت الفرقة الثانية فقالوا: لا نعجل على عليّ وننظر
(١) الذهبي: السير ج ٣ ص ٣٥٠.
(٢) في المطبوع "بينهم" والمثبت من الأصل وانظر لذلك: سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٥٠.
(٣) الذهبي: السير ج ٣ ص ٣٥٠.