إن كُنْتِ لا تَدْرِين ما الموتُ فانْظُري … إلى هانئ في السوقِ وابنِ عقيلِ
تَرَى جَسَدًا قد غَيَّرَ الموتُ لَونَه … ونَضْحَ دمٍ قد سَالَ كُلَّ مَسِيلِ
أصابَهما أمرُ الإمامِ فأصبحا … أحاديثَ من يَهوى بكلِ سبيلِ
تَرَىْ بَطَلًا قد هشّم السيفُ رأَسَه … وآخرَ يَهوى من طَمار قتيل
أيركبُ أسماءُ الهماليجَ (١) آمنًا … وقد طَلَبَتْهُ مَذْحجٌ بقتيلِ
فإنْ أنتُم لم تثأروا بأخيكُم … فكونوا بَغَايَا أُرْضِيَت بقليلِ
يعني أسماء بن خَارِجة الفَزَاري، كان عُبيد الله بن زياد بعثه وعمرو بن الحجّاج الزبيدي إلى هانئ بن عُروة، فأعطاه العهود والمواثيق، فأقبل معهما حتى دخل على عبيد الله بن زياد فقتله.
قال: وقضَى عمر بن سعد دَيْن مُسلم بن عَقِيل، وأخذ جثته فكفّنه ودفنه، وأرسل رجلًا إلى الحسين فحَمَله على ناقة وأعطاه نفقة، وأمره أن يبلّغه ما قال مُسلم بن عقيل، فلقيه على أربعِ مراحل فأخبره.
وبعثَ عُبيد الله برأس مُسْلم بن عقيل وهانئ بن عُروة إلى يزيد بن معاوية (٢).
وبلغ الحُسين قَتْلُ مسلم وهانئ فقال له ابنه على الأكبر: يا أبه، ارجع فإنهم أهل العراق (٣) وغَدْرهم، وقِلّة وفائهم، ولا يَفون لك بشيء. فقالت بنو عقيل لحسين: ليس هذا بحين رجوع، وحرَّضُوه على المضي.
فقال حسين لأصحابه: قد تَرون ما يأتينا، وما أرى القوم إلّا سَيخذلوننا، فمن أحبَّ أن يرجع فليرجع، فانصرفَ عنه الذين صاروا إليه في طريقه وبقي في أصحابه الذين خرجوا مَعَهُ مِنْ مَكّة (٤) ونُفَيْرٌ مِنْ صَحْبِهِ في الطريق، فكانت خيلهم اثنين وثلاثين فرسًا.
(١) لدى المسعودي في مروج الذهب: "أيترك أسماء الهماليج آمنا" والهماليج جمع هملاج: من البراذين. فارسي معرب.
(٢) الطبري ج ٥ ص ٣٨٠.
(٣) أورده الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة ٦١ هـ، نقلًا عن ابن سعد وما بين حاصرتين منه.
(٤) أورده الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة ٦١ هـ، نقلًا عن ابن سعد. وما بين حاصرتين منه. وانظره لدى الذهبي أيضًا في سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٠٠ نقلًا عن ابن سعد.