كتاب الأمير يأمرنا أن نعرض عليك أن تنزل على حكمه أو نناجزك، فقال: انصرفوا عنا العشية حتى ننظر ليلتنا هذه فيما عرضتم، فانصرف عمر (١).
وجمع حسين أصحابه في ليلة عاشوراء ليلة الجمعة فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وما أكرمه الله به من النبوة وما أنعم به على أمته وقال: إني لا أحسب القوم إلا مقاتلوكم غدًا وقد أذنت لكم جميعًا فأنتم في حِلّ مني، وهذا الليل قد غشيكم فمن كانت له منكم قوة فليضمَّ رجلًا من أهل بيتي إليه، وتفرقوا في سوادكم حتى يأتي الله {بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} سورة المائدة: ٥٢.
فإن القوم إنما يطلبونني فإذا رأوني لَهَوْا عن طلبكم.
فقال أهل بيته: لا أبقانا الله بعدك، لا والله لا نفارقك حتى يصيبنا ما أصابك، وقال ذلك أصحابه جميعًا. فقال: أثابكم الله على ما تَنْوُون الجنة (٢).
قال أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم الشيباني، عن سفيان، عن أبي الجحّاف، عن أبيه، أن رجلًا من الأنصار أتى الحسين فقال: إن عَلَيَّ دينًا فقال: لا يقاتل معي من عليه دين (٣).
قال: أخبرنا علي بن محمد، عن أبي الأسود العبدي، عن الأسود بن قيس العبدي، قال: قيل لمحمد بن بشير الحضرمي: قد أسر ابنك بثغر الري! قال: عند الله احتسبه ونفسي، ما كنت أحب أن يؤسر، ولا أن أبقى بعده، فسمع قوله الحسين فقال له: رحمك الله أنت في حِلّ من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك، قال: أكلتني السباع حيًا إن فارقتك قال: فاعط ابنك هذه الأثواب والبرود يستعين بها في فكاك أخيه، فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.
رجع الحديث إلى الأول:
فلما أصبح يَوْمَه الذي قتل فيه رحمة الله عليه قال: اللهم أنت ثقتي في كل
(١) سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٠١.
(٢) الطبري ج ٥ ص ٤١٨ - ٤١٩، وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٠١.
(٣) سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٠١.