وناهض عمر بن سعد حسينًا، فكان أول من قاتل مولى لعبيد الله بن زياد يقال له: سالم، فصل من الصف فخرج إليه عبد الله بن تميم الكلبي فقتله، والحسين جالس عليه جبة خز دكناء وقد وقعت النبال عن يمينه وعن شماله وابن له ابن ثلاث سنين بين يديه فرماه عقبة بن بشر الأسدي فقتله، ورمى عبد الله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسين بن علي فقتله، فقال سليمان بن قَتَّة:
وَعِنْدَ غَنِيٍّ قطرة من دمائنا … وفي أسَدٍ أخرى تُعَدّ وتُذْكَرُ
قال: ولبس حسين لأمته، وأطاف به أصحابه يقاتلون دونه، حتى قتلوا جميعًا، وحسين عليه عمامة سوداء وهو مختضب بسواد يقاتل قتال الفارس الشجاع (١).
قال: ودعا رجل من أهل الشام، عليّ بن حسين الأكبر - وأمُّه، آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأمها بنت أبي سفيان بن حرب فقال: إن لك بأمير المؤمنين قَرابة ورحمًا فإن شئت أمناك وامض حيث ما أحببت فقال: أما والله لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت أولى أن ترعى من قرابة أبي سفيان، ثم كَرّ عليه وهو يقول:
أنا عليُّ بن حُسين بن عَلِيْ
نحن وبيتُ الله أَوْلَى بالنّبِيْ
مِنْ شَمِرٍ وعُمَر وابن الدّعِيْ (٢)
قال: وأقبل عليه رجل من عبد القيس يقال له مُرّة بن منقذ بن النعمان، فطعنه، فحُمِل فَوضِع قريبًا من أبيه، فقال له: قتلوك يا بني، على الدنيا بعدك العفاء، وَضَمّه أبوه إليه حتى مات. فجعل الحسين يقول: اللهم دَعَوْنَا لينصرُونا فخذلونا وقتلونا، اللهم فاحبس عنهم قَطْر السماء وامنعهم بركات الأرض فإن متعتهم إلى حين ففرِّقْهم شِيَعًا واجعلهم طرائِقَ قِدَدا، ولا تُرْضِي الولاةَ عنهم أبدًا.
(١) الطبري ج ٥ ص ٤٤٨، وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٠٢.
(٢) نسب قريش ص ٥٧، ومروج الذهب ج ٣ ص ٧١، وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٠٢.