فأُخِذْتُ فأُدخِلْتُ على ابن زياد فقال: ما اسمك؟، فقلت: علي بن حسين، قال: أو لم يقتل الله عليًا؟، قال: قلتُ: كان لي أخ يقال له: عليُّ أكبَرَ مني قتله الناس. قال: بل الله قَتَلَه. قلتُ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} سورة الزمر: ٤٢.
فأمر بقتله، فصاحت زينب بنت علي: يا ابن زياد حَسْبك من دمائنا، أسألك بالله إن قتلته إلا قتلتني معه، فتركه (١).
قال: ولما أمر عُمر بن سعد بثَقَلِ الحسين أن يدخل الكوفة إلى عبيد الله بن زياد وبعث إليه برأسه مع خَوْلِي بن يزيد الأصبحي.
فلما حُمِلَ النساء والصبيان فمروا بالقتلى صرخت امرأة منهن (٢): يا محمداه، هذا حسين بالعراء مُرَمل بالدماء وأهله ونساؤه سبايا، فما بقى صديق ولا عدو إلا أكبَّ باكيًا (٣). ثم قُدِمَ بهم على عبيد الله بن زياد، فقال عبيد الله: من هذه؟ فقالوا: زينب بنت علي بن أبي طالب فقال: فكيف رأيتِ الله صنع بأهل بيتك، قالت: كُتِبَ عليهم القَتْلُ فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بيننا وبينك وبينهم.
قال: الحمد لله الذي قتلكم وأكذب حديثكم: قالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمدٍ وطَهّرنا تطهيرا (٤).
فلما وُضِعَت الرءوس بين يدي عبيد الله بن زياد، جعل يضرب بقضيب معه على فِي الحسين وهو يقول:
يُفَلِّقْنَ هامًا من رجال (٥) أعزّة
علينا وَهُم كانوا أَعَقَّ وأَظْلَمَا (٦)
(١) نسب قريش ص ٥٨.
(٢) ث "منهم".
(٣) الطبري ص ٥ ص ٤٥٦.
(٤) الطبري ص ٥ ص ٤٥٧.
(٥) كذا في ح، ومثله لدى الطبري ج ٥ ص ٤٦٠. وفي ث "أناس".
(٦) الطبري ج ٥ ص ٤٦٠ ولديه أن الذي تمثل بهذا الشعر: يزيد.