والشعر لحصين بن الحُمَام المري. فقال له رَجل (١) من الأنصار حضر: ارفع قضيبك هذا فإني رأيت رسول الله يقبل الموضع الذي وضعته عليه.
قال: أخبرنا كثير بن هشام، قال: حدثنا جعفر بن برقان، قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد، قال: لما أُتِيَ يزيد بن معاوية برأس الحسين بن علي، جعل ينكت بمخْصَرةٍ معه سِنّه ويقول: ما كنت أظن أبا عبد الله يبلغ هذا السّن. قال: وإذا لحيته ورأسه قد نصل من الخضاب الأسود (٢).
رجع الحديث إلى الأول: -
قال: ثم أتى يزيد بن معاوية بثَقَلِ الحسين ومن بقي من أهله ونسائه، فأُدخِلوا عليه قد قُرنوا في الحبال، فوقفوا بين يديه، فقال له علي بن حسين: أنشدك بالله يا يزيد ما ظنك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو رآنا مقرّنين في الحبال، أما كان يرق لنا، فأمر يزيد بالحبال فقطعت وعُرفَ الانكسار فيه.
وقالت له سكينة بنت حسين: يا يزيد، أبنات (٣) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا!! فقال: يا بنت أخي هو والله عليّ أشدّ منه عليك، وقال أقسمت بالله لو أن بين ابن زياد وبين حسين قرابة ما أقدم عليه ولكن فرقت بينه وبينه سُمية.
وقال: قد كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين، فرحم الله أبا عبد الله عَجل عليه ابن زياد، أما والله لو كنت صاحبه ثم لم أَقْدِر على دفع القتل عنه إلا بنقص بعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه، ولوددتُ أني أُتيت به سالمًا، ثم أقبل على عليّ بن حسين فقال: أبوك قطع رحمي ونازعني سلطاني فجزاه الله جزاء القطيعة والإثم.
فقام رجل من أهل الشام فقال: إن سباياهم لنا حلال. فقال علي بن حسين: كذبت ولؤمت ما ذاك لك إلا أن تخرج من ملتنا وتأتي بغير ديننا فأطرق يزيد مليا، ثم قال للشامي: اجلس. ثم أمر بالنساء فأدخلن على نسائه وأمر نساء آل أبي سفيان فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام، فما بقيت منهن امرأة إلا تلقتنا تبكي وتنتحب، ونُحْنَ على حسين ثلاثًا.
(١) ث "فقال رجل".
(٢) تاريخ الإسلام حوادث سنة ٦١ هـ.
(٣) كذا في ح، ومثله لدى الطبري ج ٥ ص ٤٦٤. ورواية ث "بنات".