- صلى الله عليه وسلم -، وحَنَّكَه بيده، فَكَبّر المسلمون يومئذ حتّى ارتجت المدينة فرحًا به، وقد فرحتَ أنت وأصحابك بمقتله، فمن كان فَرِحَ يومئذ به خَيْرٌ مِنْكَ ومن أصحابك، وكان مع ذلك برًّا بالوالدين، صَوَّامًا قَوَّامًا بكتاب الله، معظِّمًا لحرم الله، يُبغِضُ أن يُعْصَى الله، أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسمعته يقول: "سيخرج من ثقيف كذابان الآخِرُ منهما شَرّ من الأول وهو مُبِير" وهو أنت.
فانكَسَر الحجاج، وانصرف، وبلغ ذلك عبد الملك، فكتب إليه يلومه في مخاطبة أسماء، وقال: ما لَكَ ولابنة الرجل الصالح (١)!
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى عبد الله بن نافع، عن أبيه، قال: سمع ابن عمر التكبير فيما بين المسجد إلى الحجون حين قُتل ابن الزبير، فقال ابن عمر: لَمَنْ كَبَّر حين ولد ابن الزبير، أكْثَر وخَيْر ممّن كَبّر على قتله (٢).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: سألتُ عبد الرحمن بن أبي الزناد، مَنْ قَتَل ابن الزبير؟ فقال: سمعتُ هشام بن عُروة، يقول: رَماه رجلٌ من السّكون بآجُرَّة فأثبته وَوَقَع، وكان الذى قَتله رجلٌ من مُراد، وحمل رأسه إلى الحجّاج (٣).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى عبيد الله بن عروة، عن حبيب مولى عروة، قال: أرانى عروة قاتل عبد الله بن الزبير في عسكر الوليد، قتله، واحتزّ رأسه آخَرُ، فجاءا به إلى الحجاج فَوَفّدَهما إلى عبد الملك، فأعطى كل واحد منهما خمسمائة دينار، وفرض لكل واحد منهما في مائتى دينار (٤).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حَدَثَّنَا عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، أنه كان جالسًا معه، فأتاه آتٍ فقال: قُتِلَ ابن الزبير. فقال: يرحمه الله. فقيل: يا أبا عبد الرحمن صُلِبَ؟ فقال ابن عمر: قَاتَلَ اللهُ الحَجّاج، ما من
(١) ابن عساكر في تاريخه ص ٤٧٢ من طريق الواقدى.
(٢) ابن عساكر ص ٤٧٢.
(٣) ابن الأثير: الكامل ج ٤ ص ٣٥٦.
(٤) ابن الأثير: الكامل ج ٤ ص ٣٥٦.