قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قُتِل الضحاك بن قيس يوم مرج راهط، على أنه يدعو إلى عبد الله بن الزبير، وكتب بذلك كتابًا إلى عبد الله، فنعاه عبد الله لنا، وذكر من طاعته وحسن رأيه.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: لمّا ولى عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس المدينة، كان فتى شابًّا، فقال: إن الضحاك بن قيس كان قد دعا قيسًا وغيرها إلى البيعة لنفسه، فبايعهم يومئذ على الخلافة، فقال له زُفَر بن عقيل الفهرى: هذا الذى كنا نعرف ونسمع، وإن بنى الزبير يقولون أيضًا: كان بايع لعبد الله بن الزبير وخرج في طاعته حتّى قُتل عليها.
قال: الباطل والله يقولون، ولكن كان أول ذلك أنّ قريشا دعته إليها، وقالت: أنت كبيرنا والقائم بدم الخليفة المظلوم، وكنت عند معاوية باليمين، فأبى، فأبت عليه، حتّى دخل فيها كارهًا (١). ودعت إليه قيس وغيرها من ذى يَمَن، فلقيهم يوم مرج راهط فأصابهم ما قال ابن الأشرف:
لا تَبْعدوا إنّ الملوك تُصَرَّعُ (٢)
قال محمّد بن عمر: وقُتِلت قَيْسُ بمرج راهط مَقْتَلَة لم تُقْتَلْهُ في موطن قط، وكانت وقعة مرج راهط للنصف من ذى الحجة تمام سنة أربع وستين.
قال محمّد بن عمر: في روايتنا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُبِضَ، والضحاك بن قيس غلام لم يبلغ، وفى رواية غيرنا: أنه أدرك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وسمع منه.
قال محمّد بن عمر: لمّا بلغ الضحاك أن مروان قد بايع لنفسه على الخلافة، بايع مَن معه لابن الزبير، ثمّ سار كل واحدٍ منهما إلى صاحبه بمن تبعه، فالتقوا بمرج راهط للنصف من ذى الحجة تمام سنة أربع وستين، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فَقُتِل الضحاكُ وأصحابُهُ، وقُتِلت قيسُ بمرج راهط مَقتلة لم تُقْتَلْهُ في موطن قط (٣).
(١) الطبري ج ٥ ص ٥٣٥.
(٢) ابن هشام: السيرة ج ٣ ص ٥٢، وهو عجز بيت من قصيدة له في رثاء قتلى بدر من المشركين.
(٣) الطبري ج ٥ ص ٥٣٤.