كان لنا صَنَم وكُنّا نعظّمه، وكنت سادنه، فلمّا سمعت بالنبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، كسرته وخرجت حتى أقدم المدينة على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فأسلمت وشهدت شهادة الحقّ، وآمنْت بما جاء به من حلال وحرام، فذلك حين أقول:
شهدتُ بأنّ اللهَ حقّ، وإنّني … لآلهة الأحجارِ أوّلُ تاركِ
وشَمّرْتُ عن ساقي الإزَارَ مهاجرًا … إِليك أجوبُ الوَعْثَ بعد الدكادكِ
لأَصْحَبَ خَيْرَ النَّاس نَفْسًا وَوَالدًا … رسولَ مَلِيكِ النّاس فَوْقَ الْحَبَائِكِ
قال: ثمّ بعثه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فأجابوه إلا رجلًا واحدًا ردّ عليه قوله، فَدَعا عليه عمرو بن مرّة، فسقط فُوهُ، فما كان يقدر على الكلام، وَعَمِيَ واحْتاجَ *).
* * *
وفد كَلْب (١)
قال: أخبرنا هشام بن محمّد بن السائب الكلبي قال: حدّثني الحارث بن عمرو الكلبي عن عمّه عُمارة بن جَزْء عن رجل من بني ماويّة من كلب قال: وأخبرني أبو ليلى بن عطية الكلبي عن عمّه قالا: قال عبد عمرو بن جبلة بن وائل بن الجُلاح الكلبي: شخصتُ أنا وعاصم - رجل من بني رقّاش من بني عامر - حتى أتينا النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فعرَض علينا الإسلام فأسلمنا، وقال: أنَا النّبيّ الأمّيّ الصّادِقُ الزّكيّ وَالوَيْلُ كُلّ الوَيْلِ لِمَنْ كَذّبني وتَوَلّى عَنّي وَقَاتَلَني، وَالخَيْرُ كُلّ الخَيْرِ لمَنْ آوَاني وَنَصَرَني وآمَنَ لي وَصَدّقَ قَوْلي وجَاهَدَ معي قالا: فنحن نؤمن بك ونصدّق قولك، فأسلمنا، وأنشأ عبد عمرو يقول:
أجبتُ رسولَ الله إذ جاء بالهُدَى … وأصبحت بعد الجحد بالله أوْجرَا
وودّعْتُ لذّاتِ القداح وقد أُرى … بها سَدِكًا عمرى وللهو أصْوَرَا
وآمنتُ بالله العليّ مَكانُهُ … وَأصبحت للأوثان ما عشتُ مُنكِرَا
(١) انظر: النويري ج ١٨ ص ٩٣.