جُنْدَبٌ وما جندب! والأقطع الخير زيدٌ.
ثمّ ركب فدنا منه أصحابه فقالوا: يا رسول الله سمعناك الليلة تقول: جندب وما جندب والأقطع الخير زيد.
فقال: رجلان يكونان في هذه الأمّة يَضْرِبُ أحدُهما ضربةً تُفَرِّقُ بين الحقّ والباطل، والآخر تُقْطَع يده في سبيل الله، ثمّ يُتْبع اللهُ آخِرَ جَسَدِهِ بأوّله (١).
قال يعلى، قال الأجلح: أَمّا جندب فقتل الساحر عند الوليد بن عُقْبة، وأمّا زيد فقُطعَت يده يوم جَلولاء وقُتل يوم الجَمَل (٢).
قال: أخبرنا يَعْلى بن عُبيد قال: حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم قال: كان زيد ابن صوحان يحدّث فقال أعرابيّ: إنّ حديثك ليُعْجبنى وإن يدك لتُريبنى. فقال: أوَما تراها الشمال؟ فقال: والله ما أدرى اليمين يقطعون أم الشمال. فقال زيد: صدَقَ الله {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} سورة التوبة: ٩٧ فذكر الأعمش أنّ يد زيد قُطعت يوم نَهاوَنْد (٣).
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سلَمة، عن أبي التَّيَّاح، عن عبد الله بن أبي الهُذَيل: أنّ وفد أهل الكوفة، قدموا على عُمر وفيهم زيد بن صوحان، فجاءه رجل من أهل الشأم يستمدّ فقال: يا أهل الكوفة! إنّكم كنزُ أهل الإِسلام، إن استمدّكم أهل البصرة، أمددتموهم، وإن استمدّكم أهل الشأم، أمددتموهم. وجعل عمر يُرَحِّل لزيد وقال: يا أهل الكوفة هكذا فاصنعوا بزيد وإلّا عذّبتكم (٤).
قال: أخبرنا شهاب بن عبّاد العبدي قال: حدّثنا محمّد بن فُضيل بن غَزوان، عن الأجْلح، عن ابن أبي الهُذيل قال: دعا عمر بن الخطّاب زيد بن صوحان فضفنه على الرحل كما تضفنون أمراءكم ثمّ التفت إلى الناس فقال: اصنعوا هذا بزيد وأصحاب زيد (٥).
(١) أورده ابن الأثير في أسد الغابة ج ٢ ص ٢٩١، والذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٥٢٦.
(٢) نفس المصدرين.
(٣) سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٥٢٦.
(٤) المصدر السابق ص ٥٢٦.
(٥) سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٥٢٧. وقوله "فضفنه على الرحل" أى: حمله عليه.