العَبْدُ وَأجْلِسُ كَما يَجْلِسُ العَبْدُ فَإنّمَا أنَا عَبْدٌ. وكان النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، يجلس محتفزًا.
أخبرنا عَفّان بن مسلم، أخبرنا حمّاد بن سَلَمة عن ثابت عن أنس بن مالك أن نَفَرًا من أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، سألوا أزواج النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، عن عمله في السِّر فأخبروهم، فقال بعضهم:
لا أتزوّج النِّساء، وقال بعضهم: لا آكلُ اللَّحم، وقال بعضهم: لا أنامُ على فِراش، وقال بعضهم: أصُومُ ولا أُفطر، فَحَمِدَ الله النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، وأثنى عليه ثمّ قال: ما بالُ أقْوامٍ قالوا كذا وَكَذا؟ لَكنِي أُصَلّي وَأنَامُ وَأصُومُ وَأفْطِرُ وَأتَزَوّجُ النّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنّتي فَلَيْسَ مِني.
أخبرنا سعيد بن منصور، أخبرنا أبو عَوَانة عن عَطاء بن السائب عن سعيد بن جُبَير قال: قال لي ابن عبّاس: إن خير هذه الأمّة كان أكثرها نساء.
أخبرنا محمّد بن مُقاتل الخراساني، أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا سفيان أن الحسن قال: لمّا بعثَ الله محمّدًا، - صلى الله عليه وسلم -، قال: هذا نبييّ هذا خياري ائنسوا به وخذوا في سنّته وسبيله، لم يكن تُغْلَقُ دونه الأبواب، ولا تقوم دونه الْحجَبة، ولا يُغْدَى عليه بالجِفَان، ولا يُرَاح عليه بها، يجلس بالأرض، ويأكل طعامه بالأرض، ويلبس الغليظ، ويركب الحمار، ويردف بعده، وَيَلْعَقُ أصابعه، وكان يقول: مَنْ يَرغَبْ عَنْ سُنّتي فَلَيْسَ مني (١).
أخبرنا عفّان بن مسلم، أخبرنا قيس بن الربيع، أخبرنا سماك بن حَرْب قال قلتُ لجابر بن سَمُرة: أكُنْتَ تُجالس رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، فكان طويل الصمت وكان أصحابه يَتَناشدون الأشعار ويذكرون أشياء من أمر الجاهليَّة فيضحكون ويتبسم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إذا ضحكوا.
أخبرنا سعيد بن سليمان، أخبرنا شريك عن سِماك عن جَابر بن سَمُرة قال: جالستُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أكثر من مائة مرّة فكان أصحابه يَتَناشدون الأشعار في المسجد وأشياء من أمر الجاهليّة فربّما تَبسَّم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -.
(١) الصالحي ج ٧ ص ٥٨.