عَمْرو بن الرَّبِيع وبعثت معه زينب بنت رسول الله. وهى يومئذٍ بمكّة. بقِلَادَة لها كانت لخديجة بنت خُوَيْلِد من جَزْعِ ظَفار (١). وظفار جبل باليمن. وكانت خديجة بنت خُوَيْلِد أدخلتها بتلك القِلَادة على أبي العاص بن الربيع حين بَنَى بها. فبعثت بها في فداء زوجها أبِي العاص. فلمّا رأى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، القلادة عرفها وَرَقَّ لها، وذكر خديجة وترحَّم عليها وقال: إنْ رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا إليها متاعها فعلتم. قالوا: نعم يا رسول الله. فأطلقوا أبا العاص بن الربيع وردّوا على زينب قِلَادَتها وأخذ النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، على أبي العاص أن يُخلّى سبيلها إليه فوعده ذلك ففعل (٢).
قال محمد بن عمر: وهذا أثبت عندنا من رواية من روى أنّ زينب هاجرت مع أبيها، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن معروف بن الخَرَّبُوذ المكّي قال: خرج أبو العاص بن الربيع في بعض أسفاره إلى الشأم فذكر امرأته زينب بنت رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأنشأ يقول (٣):
ذَكَرْتُ زينبَ لمّا ورّكتْ إرما … فقلتُ سَقْيًا لشخصٍ يسكن الحَرَما
بنت الأمين جَزَاها اللهُ صالحة … وكلّ بَعل سيثنى بالذى عَلِمَا
قال محمد بن عمر: وكان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول: ما ذممْنا صِهْر أبي العاص.
أخبرنا يعلى بن عبيد الطَّنافِسِيّ، حدّثنا محمّد بن إسحاق عن يزيد بن رُومَان قال: صلّي رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بالناس الصبح، فلمّا قام في الصّلاة نادت زينب بنت رسول الله: إني قد أجَرت أبا العاص بن الربيع. فلمّا انصرف رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم. قال: أما والذى نَفْسُ محمد بيده ما علمت بشئ ممّا كان حتى سمعت منه الذي سمعتم، إنّه يجير على الناس أدناهم (٤).
(١) ظفار: من قرب صنعاء، إليه ينسب الجزع.
(٢) الواقدي في المغازي ج ١ ص ١٣٠ - ١٣١.
(٣) معجم الشعراء للمرزباني ص ٢١٣.
(٤) الإصابة ج ٧ ص ٦٦٥.