أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا عِكْرمة بن عَمّار، أخبرنى إياس بن سَلمة بن الأكْوَع قال: أخبرنى أبى قال: بارز عمّى يوم خَيبر مَرْحَبًا اليهودىّ فقال مرحب:
قدْ عَلمَتْ خَيبَرُ أنّى مَرْحَبُ … شاكى السّلاحِ بَطَلٌ مُجَرّبُ
إذا الحُرُوبُ أقبَلَتْ تَلَهّبُ (١)
فقال عمّى عامر:
قد عَلِمَتْ خَيْبَرُ أنّى عامِرُ … شَاكِى السّلاح بَطَلٌ مُغَامِرُ
فاختلفا ضربتين فوقع سَيف مَرحب فى تُرس عامر وذهب عامر يسفل له، فرجع السيف على ساقه فقَطَع أكْحُلَه فكانت فيها نَفسُهُ، قال سَلمة بن الأكْوع: فلقيتُ ناسًا من أصحاب رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالوا: بَطَلَ عَمَلُ عامِر قَتَل نَفسَه! قال سلمة: فجئتُ إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أبكى فقلتُ: يا رسول الله أبَطَلَ عَمَلُ عامرٍ؟ قال: ومَن قال ذاك؟ قلت: أناسٌ من أصحابك! قال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَذب من قال ذاك (٢)! بل لَهُ أجرُه مرّتين، إنّه حين خرَج إلى خَيبر جَعل يرجز بأصحاب رسول اللهُ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفيهم النبىّ يسوق الرّكابَ وهو يقول:
تَاللهِ، لوْلا اللهُ ما اهتَدَينا … وما تَصَدَّقنا وما صَلَّينا
إنَّ الّذينَ كَفَرُوا عَلَيْنَا … إذا أرادوا فِتنَةً أبَيْنَا
ونَحْنُ عن فَضْلِكَ ما استَغْنَيْنَا … فَثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لاقَيْنَا
وأَنزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا (٣)
فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَن هذا؟ قالوا: عامر يا رسول الله! قال: غَفَر لك ربّك! قال: وما استغفَرَ لإنسانٍ قطّ يَخُصّه إلّا استُشْهِد، فلمّا سَمع ذلك عمر بن الخطّاب قال: يا رسول الله لَوْمَا مَتّعْتَنا بعامر، فتقدّم فاستُشهد. قال سَلمة: ثمّ إنّ
(١) ابن هشام ج ٣ ص ٣٣٣، والواقدى ج ٢ ص ٦٥٤، والنويرى ج ١٧ ص ٢٥٣، والصالحى ج ٥ ص ١٩٨ مع اختلاف فى اللفظ.
(٢) النويرى ج ١٧ ص ٢٦٠.
(٣) ابن هشام ج ٣ ص ٣٢٨، والواقدى ج ٢ ص ٦٣٨، ٦٣٩ مع اختلاف فى اللفظ.