سنين حتى كان وجعه الذي قُبض فيه جعل يقول في مرضه: ما زلت أجِدُ من الأكلة التي أكلتها يوم خيبر عِدادًا حتى كان هذا أوَانَ انقطاع أبْهرى، وهو عِرْق في الظّهر، وتوفّى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، شهيدًا، صلوات الله عليه ورحمته وبركاته ورضوانه.
* * *
ذكر خروج رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلى البقيع واستغفاره لأهله والشهداء
أخبرنا معن بن عيسى، أخبرنا مالك بن أنس عن ابن أبي علقمة عن أُمّه أنّها قالت: سمعت عائشة تقول: قام رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ذات ليلة فلبس ثيابه ثمّ خرج، فأمرتُ خادمتى بَريرَةَ فتبعتْه، حتى إذا جاء البقيعَ وقف في أدناه ما شاء الله أن يقف، ثم انصرف فسبقته بريرة فأخبرتني فلم أذكر له شيئًا حتى أصبح ثمّ ذكرت ذلك له فقال: إنّى بُعِثْتُ إلى أهل البقيع لأصلّى عليهم (١).
أخبرنا نوح بن يزيد المؤدّب ومحمّد بن الصّبّاح قال: أخبرنا شريك عن عاصم بن عُبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن عائشة قالت: فقدتُ النّبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من اللّيل فتبعتُه فإذا هو بالبقيع فقال: السّلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين! أنتم لنا فَرَط: وإنّا بكم لاحقون! اللهمّ لا تحرمنا أجرَهم ولا تَفْتنَّا بعدهم! قالت: ثمّ التفَتَ إليّ فقال: ويحها لو تستطيع ما فعلَتْ! (٢).
أخبرنا سعيد بن سليمان، أخبرنا إسماعيل بن جعفر المدنيّ، وأخبرنا خالد بن خِداش، أخبرنا عبد العزيز بن محمّد الدّراوَرْدى جميعًا عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت: كان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كُلما كان ليلتها من رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: السلام عليكم دارَ قوم مؤمنين! إيّانا وإيّاكم ما توعدون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون! اللهمّ اغفر لأهل بقيع الغَرْقد.
أخبرنا محمّد بن عمر، حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الرّحمن المخزوميّ عن
(١) النويري ج ١٨ ص ٣٦١.
(٢) النويري ج ١٨ ص ٣٦١.