لمْ يَتْرُكِ الله خَلْقًا منْ برِيّتِهِ، … وَلمْ يُعِشْ بَعْدَهُ أُنْثى وَلا ذَكَرَا
ذَلّتْ رِقَابُ بنى النّجّارِ كُلّهِمُ! … وكانَ أمرًا من الرّحمنِ قد قُدِرَا
قال أبو عمرو: قال كعب بن مالك يرثى رسولَ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
يا عَينِ فَابكى بدَمْعٍ ذَرَى … لخِيَرِ البَرِيّةِ وَالمُصطَفَى!
وَبَكّى الرّسُولَ! وحُقّ البُكاءُ … عَلَيْهِ، لَدى الحرْبِ عنْدَ اللّقَا!
عَلى خَيرِ مَنْ حَمَلَتْ ناقَةٌ، … وأتْقَى البَرِيّةِ عِنْدَ التّقَى
علَى سَيّدٍ مَاجِدٍ جَحْفَلٍ، … وخَيرِ الأنَامِ وخَيرِ اللّهَا!
لَه حَسَبٌ فَوْقَ كُلّ الأنَا … مِ منْ هاشمٍ ذلكَ المرْتَجَى
نُخَصّ بما كَانَ من فَضْلِهِ، … وكَانَ سِرَاجًا لنَا في الدّجَى!
وكَانَ بَشِيرًا لَنَا مُنْذِرًا، … وَنُورًا لَنَا ضَوْءُهُ قدْ أضَا
فأنْقَذَنا اللهُ في نُورِهِ، … ونَجّى برَحْمَتِهِ منْ لَظَى!
قال: وفيها أنشدنا الواقديّ. قالت أرْوَى بنت عبد المطّلب ترثى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (١):
ألا يَا عَينِ! وَيْحَكِ أسْعِدينى … بدَمْعِكِ، مَا بَقِيتِ، وَطاوِعينى
ألا يَا عَينِ وَيْحَكِ! وَاسْتَهِلّى … عَلى نُورِ البلادِ وأسْعِدينى!
فإنْ عَذَلَتْكِ عَاذِلَةٌ فَقُولى: … عَلامَ وَفيمَ، وَيحَكِ! تَعذُلِينى؟
عَلى نُورِ البلادِ معًا جَمِيعًا … رسُولِ اللهِ أحْمَدَ فاتْرُكِينى
فَإلّا تُقْصِرى بالعَذْلِ عَنّى، … فَلُومى مَا بَدَا لَكِ أوْ دَعِينى!
لأمْرٍ هَدّنى وأذَلّ رُكْنى، … وَشَيّبَ بَعْدَ جِدّتِها قُرُونى!
وقالتْ أرْوَى بنْت عبد المطّلب أيضًا:
ألَا يا رسُولَ اللهِ كُنْتَ رجَاءَنَا، … وكُنْتَ بِنا بَرًّا ولمْ تَكُ جَافِيَا!
وكُنْتَ بِنَا رَوْفًا رَحيمًا نبيّنَا، … ليَبكِ عَليكَ اليوْمَ مَن كان باكِيا! (٢)
(١) راجع الأبيات لدى النويري ج ١٨ ص ٤٠٥.
(٢) نسبت هذه الأبيات في الاستيعاب ج ١ ص ٤٩ إلى صفية.