ابْدَءُوا بحِمْصَ فإنّكم ستجدون النّاسَ على وجوهٍ مختلفة، منهم من يَلقَن فإذا رأيتُم ذلك فوجّهوا إليه طائفةً من النّاس، فإذا رضيتم منهم فليُقم بها واحدٌ وليخرج واحدٌ إلى دمشق والآخر إلى فِلَسْطين. وقدموا حِمْصَ فكانوا بها حتى إذا رضُوا من النّاس أقام بها عبادة وخرج أبو الدرداء إلى دمشق ومعاذ إلى فلسطين. وأمّا معاذ فماتَ عامَ طاعُون عَمْواس (١)، وأمّا عبادة فصار بعدُ إلى فلسطين فمات بها، وأمّا أبو الدرداء فلم يزل بدمشق حتى مات.
أخبرني رَوْح بن عُبادة وعبد الوهّاب بن عطاء قالا: أخبرنا هشام بن أبي عبد الله عن بُرْد أبى العلاء عن سليمان بن موسى وأخبرنا كثير بن هشام عن جعفر بن بُرْقان: أنّ أبا الدرداء قال لا يكون عالمًا حتى يكون متعلّمًا ولا يكون عالمًا حتى يكون بالعلم عاملًا.
أخبرنا عارم بن الفضل، أخبرنا حمّاد بن زيد وأخبرنا المُعَلَّى بن أسد عن وُهيب كلاهما عن أيّوب عن أبي قِلابة: أنّ أبا الدرداء كان يقول: إنّك لن تَفْقَه كلّ الفِقْه حتى ترى للقرآن وجوهًا.
أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحَضْرَميّ، أخبرنا شُجاع بن أبي شُجاع، أخبرنا معاوية بن قُرّة قال: قال أبو الدرداء: اطلبوا العلم، فإنْ عجزتم فأحبوا أهله، فإنْ لم تحبّوهم فلا تُبغضوهم.
أخبرنا يحيَى بن عبّاد ومسلم بن إبراهيم قالا: أخبرنا الحارث بن عُبيد عن مالك بن دينار قال: قال أبو الدرداء من يَزْدَدْ عِلْمًا يزدد وجَعًا! قال يحيَى بن عبّاد في حديثه، قال: وقال إنّ أخْوَفَ مَا أخَافُ أن يقال لي يومَ القيامة علمتَ؟ فأقول: نعم، فيقال: فما عَمِلتَ فيما (٢) عَلِمْتَ؟
أُخبرتُ عن مِسْعَر بن كِدَام عن القاسم بن عبد الرّحمن قال: كان أبو الدَّرداء من الّذين أوتوا العلمَ. وأُخبرتُ عن معاوية بن صالح الحَضْرمى عن عبد الرّحمن بن جُبير بن نُفير قال: قال معاوية ألا إنّ أبا الدَّرداء أحد الحكماء، ألا إنّ عَمرو بن
(١) كورة من فلسطين بالقرب من بيت المقدس.
(٢) كذا في ت، ث، ل. ومثله لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٤٧، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج ٢٠ ص ٢٢. وبحواشى ل "فيما: المتوقع "بما" إذ أن السياق يقتضيها.