قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حَرِيز بن عثمان قال: أخبرنا عبد الرّحمن بن مَيْسَرَة عن أبي راشد الحبرانى قال: خرجتُ من المسجد فإذا أنا بالمقداد بن الأسود على تابوت من توابيت الصيارفة قد فضل عنها عِظَمًا، فقلت له: قد أعْذَرَ الله إليك، فقال: أبتْ علينا سورةُ البُحُوث (١) {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} سورة التوبة: ٤١.
قالَ: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن يعقوب عن عمّته عن أمّها كريمة بنت المقداد أنّها وصفت أباها لهم فقالت: كان رجلًا طويلًا آدم، ذا بَطْنٍ، كثير شعرِ الرّأس، يُصَفّر لحيته وهي حسنة وليست بالعظيمة ولا بالخفيفة، أعْيَنَ مقرون الحاجبين، أقْنَى (٢).
قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسديّ قال: أخبرنا عمرو بن ثابت أبى المقْدام عن أبيه عن أبي فائد أنّ المقداد بن الأسود شرب دُهْن الخرْوَع فمات.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن يعقوب عن عمّته عن أمّها كريمة بنت المقداد قالت: مات المقداد بالجُرُف على ثلاثة أميال من المدينة فحُمل على رقاب الرجال حتى دُفن بالمدينة بالبقيع وصلّى عليه عثمان بن عفّان، وذلك سنة ثلاثٍ وثلاثين، وكان يومَ مات ابن سبعين سنة أو نحوها.
قال: أخبرنا رَوْح بن عُبادة أو نُبّئتُ عنه عن شُعبة عن الحكَم أنّ عثمان بن عفّان جعل يُثنى على المقداد بعدما مات، فقال الزّبير:
لا أُلْفيَنّك بعدَ الموتِ تَنْدُبُنى … وفى حياتىَ ما زَوّدْتنى زادى (٣)
* * *
(١) في متن ل "البَحوث" وبهامشها الشيخ محمده عبده "البُحُوث" وقد آثرت قراءة الشيخ اعتمادا على رواية ت حيث ضبطت الكلمة فيها -ضبط قلم- بضم الباء وكذا لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء. وسورة البحوث هي التوبة، سميت بذلك لما فيها من البحث عن المنافقين وكشف أسرارهم.
(٢) في متن ل "أَقْنَأَ" وقراءة الشيخ محمد عبده "أَقْنَى" وآثرت قراءته لموافقتها رواية ت، ث، وكذلك ما ورد لدى المزى في تهذيب الكمال. ج ٢٨ ص ٤٥٤ وهو ينقل عن ابن سعد.
(٣) البيت لعبيد بن الأبرص من قصيدة له، وهو في ديوانه ص ٤٨ وروايته: "لا أعرفنك" وهو من الأمثال يضرب فيمن يضيِّع حق أخيه في حياته، ثم يبكيه بعد موته. انظر كتاب الأمثال للقاسم بن سلام ص ١٨١، ١٨٢.