بشرا المريسي في مجلس المأمون بمناظرة عجيبة غريبة فانقطع بشر وظهر عبد العزيز، ومناظرتهما مشهورة مسطورة، وعبد العزيز هو صاحب "الحيدة" وهو معدود في أصحاب الشافعي.
وابن أبي العز الحنفي في كتابه شرح الطحاوية.
٩- فقد قال في ص ١٢٢-١٢٣ الطبعة الثانية تحقيق زهير الشاوش
قال: وبمثل ذلك ألزم الإمام عبد العزيز المكي بشرا المريسي بين يدي المأمون، بعد أن تكلم معه ملتزما أن لا يخرج عن نص التنزيل وألزمه الحجة، فقال بشر: "يا أمير المؤمنين ليدع مطالبتي بنص التنزيل ويناظرني بغيره، فإن لم يدع قوله ويرجع عنه، ويقر بخلق القرآن الساعة وإلا فدمي حلال". قال عبد العزيز: تسألني أم أسألك؟
فقال بشر: اسأل أنت، وطمع فيّ فقلت له: يلزمك واحدة من ثلاث لا بد منها إما أن تقول: إن الله خلق القرآن، وهو عندي أنا كلامه- في نفسه أو خلقه قائما بذاته ونفسه، أو خلقه في غيره"؟
قال: "أقول: خلقه كما خلق الأشياء كلها". وحاد عن الجواب. فقال المأمون: اشرح أنت هذه المسألة ودع بشرا فقد انقطع. فقال عبد العزيز؟ إن قال خلق كلامه في نفسه فهذا محال لأن الله لا يكون محلا للحوادث المخلوقة، ولا يكون فيه شيء مخلوق. وإن قال خلقه في غيره فيلزم في النظر والقياس إن كل كلام خلقه الله في غيره فهو كلامه. فهو محال أيضا لأنه يلزم قائله أن يجعل كل كلام خلقه الله في غيره- هو كلام الله ... إلى أن قال: هذا مختصر من كلام الإمام عبد العزيز في "الحيدة" انظره في الحيدة ص
وبهذا يتضح أنه ليس عند الذهبي رحمه الله في رد الكتاب إلا وجهة نظر ذكرها في لسان الميزان، وبسببها استبعد وقوع هذه المناظرة وهي عدم رجوع المأمون عن رأيه في خلق القرآن، وقد عرفنا إن الشبهة كانت قوية، وأن بشرا وإتباعه لا زالوا يتابعون الكناني ويستثيرون المأمون عليه، كما أشار هو لذلك. ثم إن الذهبي رحمه الله نفسه أثبت نسبة الحيدة- للكناني في كتابيه العبر، ودول الإسلام، وكذلك العلماء الآخرون قبله وبعده كالخطيب، وابن النديم،