الجواب:- أن الأشاعرة القدامى منهم والمعاصرون يقولون: إن هذا القرآن الموجود في المصحف مخلوق، وإنما هو عبارة أو حكاية- عن كلام الله الذي عرفوه- أعني- الكلام- أنه معنى قائم بالنفس وهذا الموجود هو عبارة أو حكاية عن كلام الله، ولم يبينوا من الذي عبر أو حكى كلام الله هل هو جبريل عليه السلام أو محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نفى الله عن كلامه هذا، أي القرآن الكريم أن يكون من كلام البشر، أو كلام جبريل كما قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} وهذا الكلام الذي يسمعه المشرك المستجير، هو الموجود في المصحف، وليس الكلام النفسي القائم بالذات.
أما كون الأشاعرة يقولون-أن القرآن مخلوق فإليك بيان ذلك عن السابقين واللاحقين:
١- من القدامى يقول صاحب جوهرة التوحيد ص ٥٤
ونره القرآن أفي كلامه ... عن الحدوث وأحذر انتقامه
ويقول الشارح للجوهرة البيجوري بعد أن رد على المعتزلة قولهم:
إن القرآن مخلوق، قال: ومذهب أهل السنة- ويعني بهم الأشاعرة- أن القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق، وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرؤه فهو مخلوق، لكن يمتنع أن يقال القرآن مخلوق ويراد به اللفظ الذي نقرؤه إلا في مقام التعليم لأنه ربما أوهم أن القرآن بمعنى كلامه تعالى مخلوق. أي الكلام النفسي. اهـ.
أما الكاتب المعاصر الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، فيقول في كتابه "كبرى اليقينات الكونية" الطبعة الثامنة سنة ١٤٠٢هـ ص ١٢٦ في حديثه عن صفة الكلام قال: إذا تأملت فيما ذكرناه أدركت النقطة الخلافية بين المعتزلة وأهل السنة والجماعة- ويعني بأهل السنة والجماعة- الأشاعرة، وهي أن هناك معنى لألفاظ القرآن يتكون فيه الأمر والنهي والأخبار المتوجه إلى الناس، وهو قديم. فما اسم هذا المعنى؟.
المعتزلة: اسمه العلم إذا كان أخبارا، والإرادة إذا كان أمرا ونهيا.
الجمهور: اسمه الكلام النفسي، وهو صفة زائدة على كل من العلم والإرادة قائم بذاته تعالى.