تَقولُ إِذا دَرَأتُ لَها وَضيني١ ... أَهَذا دِينُهُ٢ أَبَداً وَديني
وَهَذَا تَصْحِيفٌ، لِأَنَّهُ قَالَ: تَقُولُ: "إِذَا دَرَأْتُ" أَيْ "دَفَعْتُ" بِالدَّالِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ.
وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} ٣ أَنَّهُ٤ ذَهَبَ مُغَاضِبًا لِقَوْمِهِ اسْتِيحَاشًا مِنْ أَنْ يَجْعَلُوهُ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ، مَعَ عِصْمَةِ اللَّهِ لَهُ.
فَجَعَلُوهُ خَرَجَ مُغَاضِبًا لِقَوْمِهِ، حِينَ آمَنُوا، فَفَرُّوا إِلَى مِثْلِ مَا اسْتَقْبَحُوا.
وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَغْضَبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمِهِ حِينَ آمَنُوا؟ وَبِذَلِكَ بُعِثَ، وَبِهِ أُمِرَ؟!
وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّ اللَّهِ، إِنْ كَانَ يَغْضَبُ مِنْ إِيْمَانِ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، وَلَمْ يَخْرُجْ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ، وَلَا لِقَوْمِهِ؟ وَهَذَا مُبَيَّنٌ فِي كِتَابِي الْمُؤَلَّفِ فِي "مُشْكَلِ الْقُرْآنِ".
وَلَمْ يَكُنْ قَصْدِي فِي هَذَا الْكِتَابِ، الْإِخْبَارُ عَنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَأَشْبَاهِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ الْقَصْدُ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ جَهْلِهِمْ وَجُرْأَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، بِصَرْفِ الْكِتَابِ إِلَى مَا يَسْتَحْسِنُونَ، وَحَمْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى مَا يَنْتَحِلُونَ.
وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ٥ أَيْ فَقِيرًا إِلَى رَحْمَتِهِ.
وَجَعَلُوا مِنَ "الْخَلَّةِ" بِفَتْحِ الْخَاءِ، اسْتِيحَاشًا مِنْ أَنْ يكون الله تَعَالَى
١ الْوَضِين: بطان عريض منسوج من سيور أَو شعر.
٢ دينه: أَي عَادَته.
٣ الْآيَة ٨٧ من سُورَة الْأَنْبِيَاء.
٤ وَفِي نُسْخَة: أَي.
٥ الْآيَة ١٢٥ من سُورَة النِّسَاء.