يَدعُونَهُ مِنْ عِلْمِ بَاطِنِهِ بِمَا وَقَعَ إِلَيْهِمْ١ مِنَ الْجَفْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ هَارُونُ٢ بْنُ سَعْدٍ الْعِجْلِيُّ وَكَانَ رَأْسَ الزَّيْدِيَّةِ فَقَالَ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الرَّافِضِينَ تَفَرَّقُوا ... فَكُلُّهُمْ فِي جَعْفَرٍ قَالَ مُنْكَرًا
فَطَائِفَةٌ قَالُوا إِمَامٌ وَمِنْهُمْ ... طَوَائِفُ سَمَّتْهُ النَّبِيَّ الْمُطَهَّرَا
وَمِنْ عَجَبٍ لَمْ أَقْضِهِ جِلْدُ جَفْرِهِمْ ... بَرِئْتُ إِلَى الرَّحْمَنِ مِمَّنْ تَجَفَّرَا
بَرِئْتُ إِلَى الرَّحْمَنِ مِنْ كُلِّ رَافِضٍ ... بَصِيرٍ بِبَابِ الْكُفْرِ فِي الدِّينِ أَعَوَرَا
إِذَا كَفَّ أَهْلُ الْحَقِّ عَنْ بِدْعَةٍ مَضَى ... عَلَيْهَا وَإِنْ يَمْضُوا عَلَى الْحَقِّ قَصَّرَا
وَلَوْ قَالَ إِنَّ الْفِيلَ ضَبٌّ لَصَدَّقُوا ... وَلَوْ قَالَ زِنْجِيٌّ تَحَوَّلَ أَحَمَرَا
وَأَخْلَفَ مِنْ بَوْلِ الْبَعِيرِ فَإِنَّهُ ... إِذَا هُوَ لِلْإِقْبَالِ وُجِّهَ أَدْبَرَا
فَقُبِّحَ أَقْوَامٌ رَمَوْهُ بِفِرْيَةٍ ... كَمَا قَالَ فِي عِيسَى الْفِرَى مَنْ تَنَصَّرَا
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَهُوَ جِلْدُ جَفْرٍ، ادَّعُوا أَنَّهُ كَتَبَ فِيهِ لَهُمُ الْإِمَامُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَى عِلْمِهِ، وَكُلَّ مَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} ٣ أَنَّهُ الْإِمَامُ، وَوَرِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمَهُ.
وَقَوْلُهُمْ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} ٤ أَنَّهَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} ٥ أَنه طَلْحَة وَالزُّبَيْر.
١ وَفِي نُسْخَة: عَن.
٢ هَارُونُ بْنُ سَعْدٍ الْعِجْلِيُّ: وَكَانَ رَأس الزيدية فِي أَيَّامه. من المتزهدين الْعلمَاء بِالْحَدِيثِ لَهُ شعر، خرج وَهُوَ شيخ كَبِير مَعَ إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الْحسن الطَّالِبِيُّ، فولاه إِبْرَاهِيم الْقِتَال بواسط وَاسْتَعْملهُ عَلَيْهَا، وَاجْتمعَ عَلَيْهِ خلق كثير وَقَاتل جيوش الْمَنْصُور وَثَبت إِلَى أَن توفّي بِالْبَصْرَةِ عَام ١٤٥هـ.
٣ الْآيَة ١٦ من سُورَة النَّحْل.
٤ الْآيَة ٦٧ من سُورَة الْبَقَرَة.
٥ الْآيَة ٧٣ من سُورَة الْبَقَرَة.