لظلها، وَاسْتِيحَاشٍ بِمَا نَالَهُمْ فِيهَا، فَأَمَرَهُمْ بِالتَّحَوُّلِ.
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي غَرَائِزِ النَّاسِ وَتَرْكِيبِهِمُ، اسْتِثْقَالَ مَا نَالَهُمُ السُّوءُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا سَبَبَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَحُبَّ مَنْ جَرَى عَلَى يَدِهِ الْخَيْرُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُمْ بِهِ، وَبُغْضَ مَنْ جَرَى عَلَى يَدِهِ الشَّرُّ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُمْ بِهِ.
وَكَيْفَ يَتَطَيَّرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالطِّيَرَةُ مِنَ الْجِبْتِ.
وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَرَوْنَهَا شَيْئًا، وَيَمْدَحُونَ مَنْ كَذَّبَ بِهَا.
قَالَ الشَّاعِرُ١ يَمْدَحُ رَجُلًا:
وليسَ بهيَّابٍ إِذَا شّدَّ رحلَه ... يقولُ عَدَانِي اليومَ واقٌ وحاتِمُ
وَلَكِنَّهُ يَمْضِي عَلَى ذَاكَ مُقْدِما ... إِذَا صَدَّ عَنْ تِلْكَ الهَناتِ الخُثارِمُ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
الْخُثَارِمُ، هُوَ الَّذِي يَتَطَيَّرُ، وَالَوَاقُ الصَّرْدُ، وَالْحَاتِمُ: الْغُرَابُ.
وَقَالَ الْمُرَقِّشُ٢:
وَلَقدْ غدوتُ وكنتُ لَا ... أغدُو عَلَى واقٍ وحاتمْ
فَإِذا الأشائمُ كالأيا ... مِنِ والأيامنُ كالأشائمْ
وَكَذَاكَ لَا خيرٌ وَلَا ... شرٌّ عَلَى أحدٍ بدائمْ
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثلاثةٌ لَا يَسلمُ مِنْهُنَّ أحدٌ، الطِّيَرَةُ، وَالظَّنُّ، وَالْحَسَدُ"٣.
١ هُوَ الرقاص الْكَلْبِيّ على الصَّحِيح، قَالَه ابْن السيرافي والمخاطب هُوَ مَسْعُود بن بَحر.
٢ وتروي الأبيات: لخزز بن لوذان السدُوسِي.
٣ وَجَدْنَاهُ بِلَفْظ: "ثَلَاث لم تسلم مِنْهَا هَذِه الْأمة: الْحَسَد وَالظَّن والطيرة" ضَعِيف الْجَامِع رقم ٢٥٢٦ رُوِيَ عَن الْحسن مُرْسلا.