قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ
٣٠- الْإِمَامَةُ فِي الصَّلَاةِ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لِيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَصَلَاتُكُمْ قُرْبَانُكُمْ، وَلَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلَّا خِيَارَكُمْ" ١.
ثُمَّ رُوِّيتُمْ: "صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ إِمَامٍ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ"٢.
وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَاخْتِلَافٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنحن نقُول: إِنَّه لَيْسَ هَهُنَا -بِنِعْمَةِ اللَّهِ- اخْتِلَافٌ.
وَلِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَوْضِعٌ، وَلِلثَّانِي مَوْضِعٌ.
وَإِذَا وُضِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَوْضِعَهُ، زَالَ الِاخْتِلَافُ.
أَمَّا قَوْلُهُ: "لِيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَلَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلَّا خِيَارَكُمْ" فَإِنَّهُ أَرَادَ أَئِمَّةَ الْمَسَاجِدِ فِي الْقَبَائِلِ وَالْمَحَالِّ، وَأَنْ لَا تُقَدِّمُوا٣ مِنْهُمْ إِلَّا الْخَيِّرَ التَّقِيَّ الْقَارِئَ، وَلَا تقدمُوا الْفَاجِر الْأُمِّي.
١ لم نجد الحَدِيث بنصه هَذَا فِي الْكتب التِّسْعَة وَلَكنَّا وجدنَا حَدِيثا بِلَفْظ: "يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب الله فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأقدمهم فِي الْهِجْرَة، فَإِن كَانُوا فِي الْهِجْرَة سَوَاء فأعلمهم بِالسنةِ، فَإِن كَانُوا فِي السّنة سَوَاء فأقدمهم سنا وَلَا تؤم الرجل فِي سُلْطَانه وَلَا تقعد على تكرمته إِلَّا أَن يَأْذَن لَك" النَّسَائِيّ ج٢/ ص٧٦ بَاب من أَحَق بِالْإِمَامَةِ.
٢ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِسَنَد ضَعِيف، وَمَعْنَاهُ صَحِيح لصَلَاة ابْن عمر، وَبَعض عُلَمَاء السّلف خَالف الْحجَّاج، وَلَيْسَ هَذَا فِي حَال الِاخْتِيَار بل الِاخْتِيَار تَقْدِيم الْأَقْرَاء والأورع والأعلم -الشَّيْخ مُحَمَّد بدير.
٣ وَفِي نُسْخَة: وَلَا يقدم.