وَالنَّاسُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهَا إِلَّا بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ.
وَأُمُّ الْوَلَدِ لَمْ يَنَلْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَحْكَامُ الْإِمَاءِ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ يَمُوتَ سَيِّدُهَا.
فَبِأَيِّ مَعْنًى يُزِيلُ الْوَلَدُ عَنْهَا الْبَيْعَ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ، اسْتَحْسَنَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَا١ أَرَادَ النَّظَرِ لِلْأَوْلَادِ.
وَلَسْنَا نَذْهَبُ إِلَى هَذَا وَلَا نَعْتَقِدُهُ، وَلَكِنَّا أَرَدْنَا بِهِ التَّنْبِيهَ، عَلَى حُجَّةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ، وَحُجَّةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ، فِي إِطْلَاقِ ذَلِكَ، وَتَرْكِ النَّهْيِ عَنْهُ.
فَأَيْنَ هَؤُلَاءِ عَنْ قَضَايَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اللَّطِيفَةِ، الَّتِي تَغْمُضُ وَتَدِقُّ، وَتَعْجَزُ عَنْ أَمْثَالِهَا جُلَّةُ الصَّحَابَةِ، كَقَضَائِهِ فِي الْعَيْنِ إِذَا لُطِمَتْ، أَوْ بُخِصَتْ٢ أَوْ أَصَابَهَا مُصِيبٌ، بِمَا يَضْعُفُ مَعَهُ الْبَصَرُ٣ بِالْخُطُوطِ عَلَى الْبَيْضَةِ.
وَكَقَضَائِهِ فِي اللِّسَانِ إِذَا قُطِعَ، فَنَقَصَ مِنَ الْكَلَامِ شَيْءٌ، فَحَكَمَ فِيهِ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ.
وَكَقَضَائِهِ فِي الْقَارِصَةِ وَالْقَامِصَةِ وَالْوَاقِصَةِ، وَهُنَّ ثَلَاثُ جَوَارٍ، كُنَّ يَلْعَبْنَ، فَرَكِبَتْ إِحْدَاهُنَّ صَاحِبَتَهَا، فَقَرْصَتْهَا الثَّالِثَةُ، فَقَمَصَتِ٤ الْمَرْكُوبَةُ، فَوَقَعَتِ الرَّاكِبَةُ، فَوُقِصَتْ٥ عُنُقُهَا.
فَقَضَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالدِّيَةِ أَثْلَاثًا، وَأَسْقَطَ حِصَّةَ الرَّاكِبَةِ لِأَنَّهَا أَعَانَتْ عَلَى نَفْسِهَا.
١ فِي نُسْخَة "لما".
٢ بخصت الْعين: أَدخل الْأصْبع فِيهَا وفقأها.
٣ وَفِي نُسْخَة "النّظر".
٤ قمص: وثب.
٥ وقص: دق.