١٠- قَالُوا: حَدِيثٌ فِي التَّشْبِيهِ يُكَذِّبُهُ الْقُرْآنُ وَحُجَّةُ الْعَقْلِ حَوْلَ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ:
قَالُوا: "رُوِّيتُمْ أَنَّ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الله عز وَجل" ١.
فَإِن كنت أردتم بالأصابع هَهُنَا النِّعَمَ، وَكَانَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا فَهُوَ مَذْهَبٌ.
وَإِنْ كُنْتُمْ أَرَدْتُمُ الْأَصَابِعَ بِعَيْنِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَحِيلُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُوَصَفُ بِالْأَعْضَاءِ، وَلَا يُشَبَّهُ بِالْمَخْلُوقِينَ.
وَذَهَبُوا فِي تَأْوِيلِ الْأَصَابِعِ إِلَى أَنَّهُ النِّعَمُ لِقَوْلِ الْعَرَبِ "مَا أَحْسَنَ إِصْبَعَ قلان عَلَى مَالِهِ" يُرِيدُونَ أَثَرَهُ، وَقَالَ الرَّاعِي فِي وَصْفِ إِبِلِهِ:
ضَعِيفُ الْعَصَا بَادِي الْعُرُوقِ تَرَى لَهُ ... عَلَيْهَا إِذَا مَا أَمْحَلَ النَّاسُ أُصْبُعَا
أَيْ: تَرَى لَهُ عَلَيْهَا أَثَرًا حَسَنًا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ، وَإِنَّ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي تَأْوِيلِ الْإِصْبَعِ لَا يُشْبِهُ الْحَدِيثَ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي دُعَائِهِ: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ" ٢.
فَقَالَتْ لَهُ إِحْدَى أَزوَاجه: "أَو تخَاف -يَا رَسُولَ اللَّهِ- عَلَى نَفْسِكَ"؟
١ سبق تَخْرِيجه الحَدِيث ص٥٤.
٢ أخرجه التِّرْمِذِيّ: قدر ٧، دعوات ٨٩، ١٢٤، وَابْن ماجة: دُعَاء ٢، وَأحمد: ٤/ ١٨٢ - ٤١٨.