٢٢- قَالُوا: حَدِيثٌ يُبْطِلُهُ الْإِجْمَاعُ وَالْكِتَابُ- احْتِجَابُ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ امْرَأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَأَمَرَهُمَا بِالِاحْتِجَابِ، فَقَالَتَا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ أَعْمَى"، فَقَالَ: "أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا ". وَالنَّاسُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَى الرِّجَالِ إِذَا اسْتَتَرْنَ، وَقَدْ كُنَّ يَخْرُجْنَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَيُصَلِّينَ مَعَ الرِّجَالِ.
وَقُلْتُمْ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ٢، إِنَّهُ الْكُحْلُ وَالْخَاتَمُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاحْتِجَابِ؛ إِذَا أَمَرَنَا أَنْ لَا نُكَلِّمَهُنَّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَقَالَ: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ٣.
وَسَوَاءٌ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ، مِنْ غَيْرِ حِجَابٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ، لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا يَكُونَانِ عَاصِيَيْنِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَكُنَّ أَيْضًا عَاصِيَاتٍ لِلَّهِ تَعَالَى، إِذَا أَذِنَ لَهُمَا فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ.
وَهَذِهِ خَاصَّةٌ لِأَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا خُصِصْنَ بِتَحْرِيمِ النِّكَاحِ عَلَى جَمِيع الْمُسلمين.
١ أَبُو دَاوُد لِبَاس ٣٤، وَالتِّرْمِذِيّ: أدب ٢٩، وَأحمد ٦/ ٢٩٦.
٢ الْآيَة: ٣١ من سُورَة النُّور.
٣ الْآيَة: ٣٥ من سُورَة الْأَحْزَاب.