- ٢٥- قَالُوا: حَدِيثٌ يُكَذِّبُهُ النَّظَرُ- إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي الْإِنَاءِ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَامْقُلُوهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سُمًّا، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً، وَأَنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ، وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ" ١.
قَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، سُمٌّ وَشِفَاءٌ؟
وَكَيْفَ يَعْلَمُ الذُّبَابُ بِمَوْضِعِ السُّمِّ، فَيُقَدِّمُهُ، وَبِمَوْضِعِ الشِّفَاءِ فَيُؤَخِّرُهُ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ.
حَدثنَا أَبُو الْخطاب: حَدثنَا أَبُو عَتَّابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ قَالَ: وَقَعَ ذُبَابٌ فِي إِنَاءٍ، فَقَالَ أَنَسٌ٢ بِأُصْبُعِهِ، فَغَمَزَهُ فِي الْمَاءِ، وَقَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ"، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَقَالَ إِنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَقَالَ: "فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سُمٌّ، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءٌ ".
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَقُولُ: إِنَّ مَنْ حَمَلَ أَمْرَ الدِّينِ عَلَى مَا شَاهَدَ، فَجَعَلَ الْبَهِيمَةَ لَا تَقُولُ، وَالطَّائِرَ لَا يُسَبِّحُ، وَالْبُقْعَةَ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ لَا تَشْكُو إِلَى أُخْتِهَا، وَالذُّبَابَ لَا يَعْلَمُ مَوْضِعَ السُّمِّ وَمَوْضِعَ الشِّفَاءِ، وَاعْتَرَضَ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، مِمَّا لَا يَفْهَمُهُ، فَقَالَ: "كَيْفَ يَكُونُ قِيرَاطٌ مثل أحد؟ "
١ سبق تَخْرِيجه صفحة: ٥٥.
٢ قَالَ فِي النِّهَايَة: الْعَرَب تجْعَل القَوْل عبارَة عَن جَمِيع الْأَفْعَال وتطلقه على غير الْكَلَام؛ فَتَقول "قَالَ بِيَدِهِ" أَي أَخذ، و"قَالَ بِرجلِهِ" أَي مَشى.